ابتسم.. لكن احذر، فالابتسامة قد تخفي خلفها اكتئابًا صامتًا!

اللحظة الاخباري -
- الاكتئاب المبتسم: عندما تكون الابتسامة خداعًا لواقع نفسي مؤلم
هل فكرت يومًا في زيارة طبيب نفسي، رغم أنك تبدو على ما يرام أمام الجميع؟ هل تبتسم وتواسي الآخرين، بينما تكتم بداخلك شعورًا دائمًا بالوحدة أو الحزن الخفي؟ إذا كانت إجابتك "نعم"، فقد تكون واحدًا من كثيرين يعانون بصمت مما يُعرف علميًا بـ "الاكتئاب المبتسم" (Smiling Depression)، وهو حالة نفسية معقدة تختبئ خلف قناع من الإيجابية الزائفة.
ما هو الاكتئاب المبتسم؟
الاكتئاب المبتسم هو نوع من الاكتئاب يختبئ خلف مظهر خارجي طبيعي أو حتى سعيد. الأشخاص المصابون به قادرون على أداء وظائفهم اليومية، الحفاظ على علاقاتهم الاجتماعية، والظهور بمظهر ناجح ومستقر، لكنهم يعيشون صراعًا داخليًا مريرًا مع أعراض الاكتئاب الكلاسيكية مثل الحزن العميق، والقلق، وفقدان المعنى.
ووفقًا للجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA)، يُصنف هذا النوع ضمن "الاكتئاب غير النمطي"، مما يعني أن أعراضه قد لا تتطابق مع الصورة الشائعة للمرض.
علامات خفية قد تدل على الإصابة
رغم المظهر الخارجي المشرق، هناك علامات داخلية قد تكشف عن هذا الصراع الصامت. من أبرزها:
- الشعور بالحزن أو الفراغ الداخلي أو الإرهاق العاطفي المستمر رغم رسم الابتسامة على الوجه.
- فقدان الشغف والاهتمام بالأنشطة والهوايات التي كانت مصدرًا للسعادة في السابق.
- استنزاف الطاقة في عملية التظاهر بأن كل شيء "بخير".
- اضطرابات في النوم، سواء بالأرق أو النوم المفرط، والمعاناة من كثرة التفكير (Overthinking).
- الشعور بالوحدة والاعتقاد بأن الآخرين لن يفهموا حقيقة ما تمر به.
- مراودة أفكار سلبية عن الذات أو الحياة، مع الحرص على إخفائها تمامًا عن الآخرين.
وقد أكدت دراسة منشورة في مجلة "Journal of Affective Disorders" عام 2019، أن هذا النوع من الاكتئاب يُعد خطيرًا بشكل خاص، لأنه يصعب اكتشافه حتى من قبل أقرب المقربين، مما يجعله أكثر قابلية للتفاقم والوصول إلى مراحل حرجة دون تلقي الدعم اللازم.
لماذا نخفي ألمنا خلف ابتسامة؟
يلجأ المصابون بالاكتئاب المبتسم إلى إخفاء معاناتهم لعدة أسباب، منها:
- الخوف من وصمة العار: الخشية من الحكم الاجتماعي أو وصمهم بالضعف بسبب المرض النفسي.
- الشعور بالذنب: الاعتقاد بأنه لا يحق لهم الشكوى طالما أنهم "يمتلكون كل شيء" من وظيفة وأسرة ومظهر جيد.
- عدم الرغبة في إثقال كاهل الآخرين: تفضيل تحمل الألم بصمت على أن يكونوا عبئًا على من يحبون.
- الضغوط المهنية والعائلية: الشعور بأن بيئتهم لا تسمح لهم بـ"الانكسار" أو إظهار الضعف.
طريق التعافي يبدأ بخطوة
التعافي من الاكتئاب المبتسم ممكن، ويبدأ بالاعتراف وطلب المساعدة. وتتضمن الخطوات العملية ما يلي:
- الاعتراف بالمشاعر: الخطوة الأولى هي أن يعترف الشخص لنفسه بأنه ليس على ما يرام.
- التحدث بصراحة: مشاركة المشاعر مع صديق موثوق أو فرد من العائلة يمكن أن يخفف العبء بشكل كبير.
- التوقف عن التظاهر: التخفيف من ضغط الظهور بمظهر مثالي ومحاولة التصرف بشكل طبيعي أكثر.
- ممارسة الأنشطة الداعمة: الانخراط في أنشطة مثل الرياضة، التأمل، أو الهوايات التي تعيد ربط الشخص بذاته.
- طلب المساعدة المهنية: لا يوجد ما هو أفضل من اللجوء إلى مختص نفسي. ويُعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) فعالًا جدًا في التعامل مع هذا النوع من الاكتئاب، بحسب توصيات منظمة الصحة العالمية.
في النهاية، يجب أن نتذكر دائمًا أن الابتسامة قد تكون قناعًا، والصوت العالي قد يُخفي صمتًا داخليًا مؤلمًا. إن كانت هذه الكلمات تصف حالتك أو حالة شخص تعرفه، فهي دعوة للتوقف، والمواجهة، وبدء رحلة التعافي. أنت لست وحدك، والطريق للخروج ممكن ويبدأ دائمًا بالخطوة الأولى.