رأسك جنرال بلا رتبة

كلُّنا نظنّ أن الرؤوس مقاماتٌ فوق الأكتاف، لكنّي اكتشفت أنّ «رَأْس» هو رئيسُ مجلس إدارة حياتنا بلا انتخابات. رأسُ الجبل مثل مسؤولٍ متقاعد يطلّ من بعيد ويقطّب حواجبه صقيعاً، بينما رأسُ المال يذوب زبدةً في الجيوب.. أمّا رأسُ السنة، فيقفز على المنصّة كل 25 ديسمبر متقمّصاً دور «المُصلِح» ويَعِدُ بثورةٍ إداريةٍ على التقويم، ثم يسلّمه لابن عمّه رأسُ الشهر ليعيد توزيع الأعباء بالتقسيط.
حتى رأسُ الدبوس–هذا الكائن الصغير–يتخصّص في تدريب كبريائنا على التواضع: يكزّ إصبعك حين تتعالى، فيذكّرك أنّك مجرّد بالون غرور قابل للثقوب. رأسُ السمكة، بدوره، يرأس حزب «اللي ما بتاكله بتسمعه»: يأمر الجسد بالصمت ويمنح اللسان سلطةَ التعليق على الحبك والعرق. والشارع يصفّق، لأن الرأس الواحد صار يحمل ألف دور.
المهم؟ لا تبحث عن مؤامرة كونية، يا صديقي؛ المؤامرة تسكن فوق كتفيك. ما دمتَ تملك رأساً يتنكّر كلَّ دقيقةٍ بزيّ مختلف، فلن تنقصك الدهشة. فاحذر حين تقول «على راسي»؛ قد توقّع شيكاً على بياض لعشرين معنى يطالبك بالسداد!