المنتدى الاقتصادي الأردني يصدر ورقة تحليلية حول ديناميكية العلاقة بين النمو الناتج المحلي الاجمالي ومعدلات البطالة في الحالة الاردنية

اللحظة الاخباري -
المنتدى يحذر من الاعتماد الكامل على نسب نمو الناتج المحلي الإجمالي كهدف أساسي لتخفيض نسب البطالة قبل اجراء دراسات معمقة للنموذج الاردني
المنتدى: تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي يتطلب معالجة شاملة لأزمة البطالة
المنتدى: مساهمة القطاعات في الناتج المحلي الاجمالي لا تنعكس بشكل كافٍ على سوق العمل
المنتدى: خفض البطالة في الأردن يتطلب نموًا موجهًا ومبنيًا على قطاعات تشغيلية
المنتدى: تطوير التعليم والتدريب هو مدخل أساسي لمواءمة المهارات مع السوق
المنتدى: استيعاب مليون شاب وشابة بسوق العمل حتى 2033 يتطلب نهج جديد في التخطيط الاقتصادي
المنتدى: مراجعة السياسات الاقتصادية من منظور تشغيلي، بحيث تُربط مؤشرات الأداء (KPIs) بعدد ونوعية الوظائف التي يتم توليدها، وليس فقط بحجم الناتج المحلي أو تدفقات الاستثمار.
قال المنتدى الاقتصادي الأردني إن العلاقة بين النمو الاقتصادي ومعدلات البطالة في الحالة الأردنية لا تنسجم دائمًا مع ما تفترضه النظريات الاقتصادية الكلاسيكية والتي اعتمدت عليها الحكومات على مر التاريخ
وأوضح في ورقته التحليلية "ديناميكية الاقتصاد والعمل: كيف يؤثر النمو على معدلات البطالة؟ دراسة حالة الاقتصاد الاردني" أن التداخل بين العوامل الهيكلية والديموغرافية والتعليمية يجعل من الصعب تفسير هذه العلاقة على نحو النظريات الاقتصادية الكلاسيكية التي تعتمد عليها معظم الدول، ويؤثر على قدرة الاقتصاد الأردني على تحويل النمو إلى فرص عمل كافية ومستقرة.
وأشار المنتدى إلى أن البطالة في الأردن تأخذ أشكالًا متعددة، ولا يمكن حصرها في نمط واحد، إذ تتأثر بعدد من العوامل المتشابكة التي تتجاوز الاختلالات المؤقتة في سوق العمل.
ولفت إلى أن المملكة، رغم تحقيقها معدلات نمو تراوحت بين 4% و8% خلال الفترة بين 2002 و2007، لم تشهد حينها انخفاضًا واضحًا في معدلات البطالة، التي بقيت عند متوسط يقارب 12%، وهو ما يدعو إلى دراسة أعمق لطبيعة النمو ومدى ارتباطه بالتشغيل في الحالة الاردنية
وأكّد المنتدى أن هذه المؤشرات تستلزم إجراء مراجعة شاملة ومعمّقة لفهم العلاقة بين النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، لا سيّما في ضوء رؤية التحديث الاقتصادي (2022–2033) التي جعلت في صدارة أهدافها تحقيق معدلات نمو مرتفعة قادرة على استيعاب أكثر من مليون شاب وشابة في سوق العمل بحلول نهاية عام 2033.وأوضح أن نجاح هذه الرؤية يتطلب تحديد دقيق للعوامل التي تحول دون انعكاس النمو بشكل مباشر على معدلات التوظيف، كما هو الحال في عديد من الدول، وفهم أعمق لديناميكية سوق العمل المحلي.
وأكد المنتدى أن العلاقة بين النمو والبطالة التي تفترضها النظريات الكينزية، والتي تشير إلى أن ارتفاع النمو يؤدي تلقائيًا إلى انخفاض البطالة، لا تنطبق دائمًا على السياق الأردني ودول عديدة أخر ابرزتها الدراسة.
.
وأوضح المنتدى أن قانون أوكن يُعد من المبادئ الاقتصادية التي تبين الارتباط الوثيق بين الأداء الاقتصادي ومستوى التشغيل، وذلك من خلال العلاقة العكسية بين معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومعدل البطالة. وبحسب هذا القانون، فإن تحقيق معدلات نمو اقتصادي أعلى يُسهم عادةً في خفض معدلات البطالة بنسبة متناسبة، والعكس صحيح. غير أن المنتدى نبّه إلى أن العديد من الدراسات التي أُجريت على دول مختلفة حول العالم أثبتت وجود استثناءات لهذا القانون، وأنه لا يمكن اعتباره قاعدة مُطلقة دون الاستناد إلى دراسات اقتصادية معمّقة تأخذ في الحسبان الخصوصيات الهيكلية لكل دولة. كما أشار المنتدى إلى أن دراسات متعدّدة تناولت الحالة الأردنية، حيث أظهرت بعض نتائجها انطباق القانون إلى حدٍ ما، في حين أثبتت دراسات أخرى ضعف هذه العلاقة وهشاشتها في السياق الأردني.
.
وقيّم المنتدى واقع البطالة في الأردن من منظور زمني، مشيرًا إلى أن معدلاتها لم تشهد تحسنًا كبيرًا على مدى العقدين الماضيين، بل سجلت ارتفاعًا ملحوظًا منذ عام 2016، لتتجاوز 24% في عام 2021 قبل أن تتراجع إلى 21.4% في 2024.
وأوضح أن هذا التطور يعكس وجود تحديات مستمرة في قدرة الاقتصاد على توليد فرص العمل اللازمة، خاصة في صفوف الشباب والخريجين الجدد.
ولفت المنتدى إلى أن فجوة واضحة ما تزال قائمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، إذ تُظهر البيانات أن 74.2% من العاملين الذين يبحثون عن فرصة عمل إضافية هم من ذوي التعليم دون الثانوي، وهو ما يعكس محدودية فرص الاستقرار الوظيفي لهذه الفئة، كما أن 15.9% من حملة الشهادات الجامعية يبحثون عن عمل إضافي، مما يشير إلى أن التحديات المرتبطة بجودة الوظائف لا تقتصر على فئة تعليمية محددة، بل تشمل شريحة واسعة من القوى العاملة.
وأشار المنتدى إلى أن النمو الاقتصادي في الأردن اتسم خلال العقدين الماضيين بالتذبذب النسبي، حيث بلغ متوسط النمو السنوي منذ بداية الألفية حوالي 3%، وهي نسبة تعتبر معتدلة.
وأوضح أن هذه النسبة كانت أعلى في السنوات الأولى من الألفية، قبل أن تتأثر بعدد من التطورات العالمية والإقليمية، أبرزها الأزمة المالية العالمية عام 2008، وتداعيات جائحة كورونا لاحقًا، ما أدى إلى بقاء النمو في مستويات محدودة، حيث بلغ 2.5% في نهاية عام 2024.
وبين أن فترات النمو المرتفع لم تترافق بالضرورة مع تحسن في مؤشرات التشغيل، بل بقيت معدلات البطالة ضمن مستويات مرتفعة، لا سيما بين فئة الشباب والنساء.
وأوضح المنتدى أن أحد الجوانب المهمة في تفسير هذه الظاهرة يعود إلى طبيعة النمو الاقتصادي في الأردن، الذي غالبًا ما ارتبط بقطاعات ذات قدرة محدودة على التوظيف مثل العقارات والخدمات وبعض الأنشطة الموسمية.
وأضاف أن جزءًا من هذا النمو جاء نتيجة عوامل ظرفية مثل السياحة أو تدفقات المساعدات أو السيولة الخارجية، ما جعله أقل استدامة من حيث الأثر على سوق العمل.
ولفت المنتدى إلى أن توزيع النمو بين القطاعات الاقتصادية يلعب دورًا حاسمًا في تفسير العلاقة مع البطالة، إذ أن القطاعات التي قادت النمو في فترات سابقة كانت إما صغيرة الحجم أو تعتمد على رأس المال أكثر من اعتمادها على العمالة، ما أدى إلى تأثير محدود على معدلات البطالة. وأكد أن هذا النمط يبرز الحاجة إلى توجيه النمو نحو القطاعات القادرة فعليًا على خلق فرص العمل، لا سيما تلك التي تعتمد على كثافة العمالة.
وأشار المنتدى إلى أن عدداً من الدراسات، ومنها تقارير صادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أظهرت أن النمو في الأردن لم يكن مصحوبًا بأثر تشغيلي كبير، إذ لم تؤدِ كل نقطة نمو إضافية إلى زيادة متناسبة في فرص العمل.
وبين أن من أسباب ذلك ضعف السياسات الموجهة نحو تحفيز الصناعة، وقلة المبادرات التي تستهدف ريادة الأعمال أو تدعم القطاعات الإنتاجية على نطاق واسع.
ونبه المنتدى إلى أن البطالة في الأردن تتخذ عدة أشكال، منها البطالة الهيكلية الناتجة عن تغيرات في طبيعة الاقتصاد، والبطالة الاحتكاكية المرتبطة بصعوبة التوفيق بين الباحثين عن العمل والفرص المتاحة، وكذلك البطالة التعليمية التي تنشأ عن الفجوة بين ما يتعلمه الأفراد وما يحتاجه السوق.
وأكد أن هذه الأنواع المختلفة تتطلب فهمًا دقيقًا لوضع السوق من جهة، وتخطيطًا طويل الأمد من جهة أخرى، من أجل معالجة الأسباب وليس فقط الأعراض.
وعبر المنتدى عن أهمية مواكبة التحولات الديموغرافية التي تشهدها المملكة، خاصة في ظل النمو السكاني المرتفع ونسبة الشباب الكبيرة.
وأوضح أن سوق العمل الأردني يحتاج إلى خلق فرص عمل جديدة بوتيرة سريعة ومستدامة لاستيعاب هذه الزيادة، مشيرًا إلى أن عدم مواكبة النمو الاقتصادي لهذا الضغط السكاني قد يؤدي إلى استمرار التحديات المرتبطة بالتوظيف.
وأكد المنتدى أن العلاقة بين النمو والبطالة في الأردن لا يمكن فهمها بمنطق خطي، بل يجب النظر إليها في إطار أوسع يأخذ بعين الاعتبار نوعية النمو، وتركيبة الاقتصاد، والسياسات العامة المرافقة.
وأوضح أن رفع معدلات النمو، وإن كان هدفًا اقتصاديا اساسيا مهمًا، لن يحقق بمفرده نتائج ملموسة في خفض البطالة، ما لم يكن هذا النمو قائمًا على أنشطة إنتاجية قادرة على خلق فرص عمل مناسبة.
وشدد المنتدى على أهمية إعادة توجيه الأولويات الاقتصادية نحو القطاعات كثيفة التشغيل، مثل الصناعة التحويلية، والسياحة، والزراعة الذكية، والخدمات اللوجستية، كونها توفر فرصًا أوسع للتشغيل مقارنة بقطاعات تعتمد على رأس المال والتكنولوجيا بكثافة.
وبيّن أن التركيز على هذه القطاعات يعزز من فرص تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام.
وأوضح المنتدى أن الاستمرار في نهج تطوير التعليم والتدريب المهني يعد من الركائز الأساسية لمعالجة البطالة، إذ أن التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق يشكل عاملًا حاسمًا في تسهيل دخول الشباب إلى سوق العمل.
ودعا إلى شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص لتوجيه التخصصات التعليمية نحو المجالات التي تشهد طلبًا مرتفعًا في السوق المحلي والإقليمي.
ودعا المنتدى إلى مراجعة السياسات الاقتصادية من منظور تشغيلي، بحيث تُربط مؤشرات الأداء (KPIs) بعدد ونوعية الوظائف التي يتم توليدها، وليس فقط بحجم الناتج المحلي أو تدفقات الاستثمار.
وأشار إلى أن تقييم فاعلية النمو يجب أن يشمل أثره على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وليس فقط على الأرقام الاقتصادية الكلية.