2025-07-12     عدد زوار الموقع: 5987469

المؤشر الفعلي للنشاط العقاري

يشير التقرير الصادر عن دائرة الأراضي والمساحة إلى أن حجم التداول العقاري في النصف الأول من عام 2025 بلغ 3.132 مليار دينار، بارتفاع نسبته 4 ٪ مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق. كما سجل شهر حزيران وحده تداولات بلغت 544.7 مليون دينار، بزيادة قدرها 43 ٪ عن حزيران 2024.

هذه الأرقام - على أهميتها - تعكس تحسناً ظاهرياً في النشاط العقاري أكثر منه تحسناً جوهرياً، وبالتالي فهي لا تعني بالضرورة تحركاً فعلياً في السوق من حيث الطلب. إذ بينما يمثل التداول العقاري مؤشراً شاملاً لحركة العقارات بجميع أشكالها، فإن حركة البيع تبقى المؤشر الأدق والأكثر ارتباطاً بنشاط السوق الفعلي.

التداول العقاري يشمل جميع أنواع المعاملات العقارية، بما فيها البيع والشراء والهبات والتنازلات والإرث وتسجيل الرهونات. لذلك، فإن ارتفاعه قد يكون مدفوعاً بعوامل لا تعكس زيادة فعلية في المبيعات، مثل ارتفاع معاملات الهبات أو تسجيل رهونات بنكية دون بيع حقيقي.

في المقابل، فإن حركة البيع العقاري تركز فقط على المعاملات التي يتم فيها تبادل مالي مقابل عقار، مثل بيع الشقق والأراضي والمباني التجارية. وهذا يجعل منها مؤشراً مباشراً على حركة السوق وميول المستهلكين والمواطنين والمشترين غير الأردنيين.

وبحسب التقرير ذاته، ارتفعت حركة بيع العقارات بنسبة 1 ٪ في النصف الأول من العام الجاري، فيما ارتفعت بيوعات الشقق بنسبة 6 ٪، بينما ارتفعت بيوعات الأراضي بنسبة أقل من 1 ٪.

هذا الارتفاع، وإن كان مبشّراً، إلا أنه يدعم فكرة أن النشاط العقاري الفعلي لم يشهد القفزة المنتظرة، حيث تظهر البيانات أن من بين 16410 شقة تم بيعها في النصف الأول من العام، كانت مبيعات الشقق الكبيرة التي تزيد مساحتها عن 150 متراً مربعاً الأكثر طلباً، حيث تم بيع 7412 منها مساحتها أكثر من 150 متراً مربعاً، و4853 شقة مساحتها أقل من 120 متراً مربعاً، و4197 شقة مساحتها بين 120 متراً مربعاً إلى 150 متراً مربعاً.

اللافت، تراجع تملّك غير الأردنيين للعقارات بنسبة 10 ٪ في النصف الأول، حيث انخفضت معاملات الشقق بنسبة 9 ٪، والأراضي بنسبة 11 ٪. وانخفضت معها القيمة التقديرية لتلك المعاملات بنسبة 3 ٪، مما يشير إلى انخفاض في الطلب النوعي وليس الكمي فقط، وهو تراجع يحتاج إلى مراقبة دلالته، وفيما إذا كان ناجماً عن الظروف الإقليمية أو ظروف موضوعية تتعلق بقطاع العقار نفسه، كضعف جاذبية السوق العقاري للاستثمار الخارجي، أو عدم كفاية الحوافز التشجيعية الموجهة للأجانب.

عند النظر إلى الأرقام التاريخية، فقد تم بيع نحو 35940 شقة خلال عام 2023، بينما تم بيع 38279 شقة في عام 2022. وهذا يعني أن السوق يشهد حالة من الاستقرار النسبي مع ميل طفيف للانخفاض. وإذا استمر الاتجاه الحالي في عام 2025، فإن إجمالي عدد الشقق المباعة لِحَتّى نهاية العام قد يقترب من مستوى يتراوح بين 33 ألفاً إلى 35 ألف شقة، وهو عدد يقترب من عدد الشقق المباعة في العام 2023.

يجب أن تتركز السياسات الاقتصادية والاستثمارية والعقارية على تنشيط حركة البيع الفعلية، لا رفع مؤشرات التداول فقط، من خلال تقديم تسهيلات تمويلية ملائمة، ومراجعة دورية لشروط تملّك الأجانب، وتحسين البيئة التشريعية للاستثمار العقاري المستدام، مع ضرورة التعرف العميق على حاجات المستهلكين العقاريين وتطلعاتهم ومستويات دخولهم.

لذلك، وعلى أهمية الإجراءات الحكومية لتحفيز السوق العقاري؛ تظل الحاجة ملحّة لتبسيط الإجراءات التنظيمية، وإدخال تحسينات إجرائية تتواءم مع تطورات السوق وتدعم نموه المتوازن، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية والإقليمية المتغيرة، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة والكُلف المصرفية، التي تلعب دوراً محورياً في تنشيط القطاع العقاري، إذ إن ارتفاعها يسهم بشكل غير مباشر في تضخم كلفة شراء العقار، ما يدفع إلى عزوف الكثيرين عن الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.



شارك الخبر
استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

18483 المؤيدين

18254 المعارضين

18189 المحايدين

محايد لا نعم