2025-08-28     عدد زوار الموقع: 6063180

دبلوماسية «الحيوانات» فيصل الشبول

لم تعد الغرف المغلقة تتسع للدبلوماسية. أغرت وسائل الإعلام والاتصال الحديثة السياسيين والدبلوماسيين، ولا سيما الأميركيين، ليقولوا في العلن ما كان يقال، تاريخياً، بين الجدران.
«تتصرفون كالحيوانات» قالها دبلوماسي أميركي وهو سفير ووسيط. ليس هذا فحسب، بل إن «التصرفات الحيوانية» هي سمة هذه المنطقة وفقاً للوسيط نفسه، الذي يُفترض به أن يكون نزيهاً ولو بالحد الأدنى من النزاهة (عشرة في المئة مثلاً).
«الأمم المتحدة كاذبة» وفقاً لسفير أميركي آخر، وهو سفير واشنطن لدى الاحتلال، وهو يرد على موقف المنظمة الدولية واعتبارها قطاع غزة وأهله في مجاعة.
سبقهما الرئيس الأميركي في لقاءاته العلنية مع قادة حول العالم في بث مباشر، وهو يجادل ويتهم ويقول كلاماً يخلو تماماً من الدبلوماسية.
قضاة المحكمة الجنائية الدولية، أعلى سلطة قضائية في العالم، فُرضت عليهم عقوبات لمجرد انحيازهم للعدالة، بلا أي سلوك دبلوماسي متعارف عليه سابقاً.
يشجع هذا السلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف والمتهم دولياً بالإبادة الجماعية نتنياهو، ووزراءه المتطرفين، للتطاول على زعماء العالم. تطاولوا على قادة أوروبا وأستراليا وكندا والبرازيل وجنوب أفريقيا، ناهيك عن مواقفهم العدائية وتصريحاتهم الخالية من أي تهذيب تجاه الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
تحل لغة دبلوماسية التواصل الاجتماعي بديلاً عن لغة الاحترام المتعارف عليها منذ عقود طويلة حتى بين الخصوم، ناهيك عن «الأصدقاء».
لم يعد للمعاهد الدبلوماسية حول العالم، ولا للدبلوماسيين، ضرورة بعد اليوم. صار العنف الكلامي والشتم بديلاً واقعياً في عالم التواصل السهل ومنطق القوة والغطرسة.
تثبت الإدارة الأميركية الحالية أن منطق القوة هو السبيل الوحيد للصداقة، وللصداقة والعداء أيضاً. الصداقة لا تكون بين القوي والضعيف، لأن العلاقة بينهما لا تكون سوى علاقة بين تابع ومتبوع.
لا تستثني الولايات المتحدة من هذه العلاقة حتى حلفاءها الغربيين، حتى أوروبا وحلف الناتو. هي تستثني فقط الصين وروسيا وكوريا الشمالية مؤقتاً.
يطمح الرئيس الأميركي في نيل جائزة نوبل للسلام. غير أن سلوك دبلوماسييه بشأن إيران وغزة وسوريا ولبنان وتصريحاتهم العلنية لا تعني سوى المزيد من الكراهية وتغطية جرائم إسرائيل.
قد يستطيع إحداث اختراق في الحرب الروسية الأوكرانية، قد يوقف الحرب ويبني مساراً للتفاوض بين الجارين، إلا أنه وفي سعيه للسلام لم يأتِ حتى اليوم على ذكر مصطلحات تعرفها كل دول العالم: حل الدولتين، والدولة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني.
كل هذه المصطلحات ليست في قاموس السياسة الأميركية والدبلوماسيين الأميركيين، لأنها ليست في عقل نتنياهو.
رئيس وزراء الاحتلال المتطرف نتنياهو رشح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لنيل جائزة نوبل للسلام، ومن قبيل رد الجميل قد يرشح الرئيس الأميركي رئيس الوزراء الإسرائيلي لتقاسم الجائزة معه.
في هذه الحال ستكون الجائزة التي تحمل اسم السويدي مخترع الديناميت ألفرد نوبل، لمن يقتل أكثر، ولمن يلجأ إلى القوة لفرض واقع عالمي جديد، بعيداً عن أي معايير قانونية أو أخلاقية أو إنسانية.



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

21540 المؤيدين

21339 المعارضين

21303 المحايدين

محايد لا نعم