مواقف بريطانية أوروبية مستجدة

طالب 59 نائباً من حزب العمال البريطاني، حكومتهم المحافظة، الاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية، وتم ذلك في رسالة وجهوها لوزير الخارجية ديفيد لامي، تضمنت وصف خطة وزير جيش المستعمرة الإسرائيلي، لنقل أهالي قطاع غزة قسراً إلى مخيم- معسكر في رفح، تحت مسمى تضليلي غارق في الإدعاء والوهم على أنها «مدينة إنسانية».
نواب حزب العمال البريطاني طالبوا في رسالتهم على فرض حظر تجاري على مستوطنات- مستعمرات الضفة الفلسطينية، وزيادة الدعم لوكالة الأونروا، والعمل على إطلاق سراح الأسرى، ومنع تنفيذ خطة التهجير إلى رفح، محذرين في رسالتهم من أن استمرار الحكومة البريطانية في تأجيل الاعتراف بدولة فلسطينية يُضعف التزامها بحل الدولتين.
صحيفة الجارديان البريطانية في افتتاحيتها يوم 8/7/2025، وصفت خطة وزير الحرب الإسرائيلي إسرائيل كاتس «مدينة إنسانية» على أنها تتضمن «إجبار جميع الفلسطينيين في غزة على الانتقال إلى معسكر لا يُسمح لهم بمغادرته، وتخضع إدارته والإشراف عليه للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، وقد استخدم البروفيسور عاموس غولدبرغ الكلمات الدقيقة لوصف فكرة المدينة أنها ستكون: «معسكر اعتقال، أو معسكر عبور للفلسطينيين قبل طردهم»، أما «خطة الهجرة» التي يقول كاتس أنها «ستحدث»، وفقاً لصحيفة هآرتس العبرية، فهي في الواقع «خطة تطهير عرقي»، لا يمكن وصف أي مغادرة لأهالي قطاع غزة إلى خارج فلسطين على أنها «طوعية»، حينما يكون البديل هو : الجوع أو السجن في معسكر اعتقال إلى أجل غير مسمى في ظروف غير إنسانية».
لا شك أن موقف نواب حزب العمال البريطاني وافتتاحية الجارديان، تعبير إضافي تراكمي جديد، في بلد هو الذي بادر في صنع المستعمرة الإسرائيلية على أرض فلسطين، من خلال وعد بلفور، وتسهيلات الاستعمار البريطاني لفلسطين بعد الحرب العالمية الأولى، في توطين القادمين اليهود الأجانب في فلسطين، والتي شكلت بداية الشراكة بين المستعمرتين البريطانية والإسرائيلية، ولكن هذه المقدمات وهذا القول النسبي التدريجي في موقف قطاعات بريطانية، بما فيها مظاهرة المليون تضامناً مع فلسطين، وضد حرب وهمجية السلوك الإسرائيلي في قطاع غزة ضد المدنيين، والمتثلة بمظاهر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، في قطاع غزة، يعود إلى عاملين: أولهما سلوك المستعمرة الإسرائيلية في عدوانها وعنصريتها وتوسعها على أرض فلسطين، وثانيهما معاناة شعب فلسطين ووجعهم المعلن من تطرف وعدوان وقتل الإسرائيليين.
تضامن قطاعات بريطانية مع الشعب الفلسطيني، لم تقتصر على الشعب البريطاني في أوروبا، بل إن العديد من قطاعات مماثلة لدى الشعوب الأوروبية في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والدنمارك وغيرهم عبرت عن تعاطفها وتضامنها ودعمها لنضال شعب فلسطين، وضد سياسات وإجراءات وحروب المستعمرة الإسرائيلية ضد فلسطين في قطاع غزة، ومخيمات الضفة الفلسطينية والقدس.
نضال شعب فلسطين متواصل، في مواجهة احتلال المستعمرة الإسرائيلية المتواصل، وكلاهما لن يتوقف في المواجهات والاشتباكات والصدامات حتى ينتهي هذا الاحتلال، وإذا كانت بريطانيا التي صنعت المستعمرة الإسرائيلية على أرض فلسطين يجتاحها هذا التحول التدريجي، بدعم شعب فلسطين والانكفاء عن دعم المستعمرة، وإن لم يتحول ذلك إلى موقف الحكومة البريطانية وسياستها الخجولة المترددة التي تحمل تراث الانحياز للمستعمرة الإسرائيلية، فإن الأيام المقبلة ستفرض التغيير لصالح فلسطين وضد سياسات المستعمرة والانكفاء عنها.