المستقبل العربي

أيّ أحلامٍ نُبقيها لأبنائنا وأحفادنا في هذه المنطقة التي لا تقبل أن تستريح.
ذاتَ طفولةٍ رددنا وراء الثائرين والغاضبين ما رددوه وراء زعماء وقادة ومناضلين: إنّ فلسطين عربية من البحر إلى النهر. وفي الجانب الآخر كانوا يرددون أن الاحتلال الصهيوني سيكون من النيل إلى الفرات.
نصف قرنٍ من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وأراضٍ سورية ولبنانية، وبالرغم من مؤتمر مدريد واتفاقات أوسلو، أنجزت «الواقعية» العربية خطة سلام: اعترافٌ بإسرائيل على حدود الرابع من حزيران 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية.
قرارات الشرعية الدولية تُنفَّذ في كل مكانٍ من العالم، بالحوار أو بقوة السلاح، إلا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فلا حوارَ ينتهي إلى شيء، ولا قوةَ سلاحٍ ما دام الغرب تابعًا لإسرائيل وليس العكس.
حتى معاهدات السلام، والاتفاقات الإبراهيمية لاحقًا والمرشحة للنمو أيضًا، لم تنفع، ولن تنفع في وقف أحلام الصهيونية وعدوانيتها وكراهيتها لكل الأديان والأعراق انطلاقًا من عقائد تلمودية ومظلومية تاريخية و»معاداة السامية» عالميًّا.
السابعُ من أكتوبر 2023 منح حكومة الاحتلال المتطرفة فرصةً لإظهار الوجه الحقيقي الأكثر بشاعةً للصهيونية، والتعبير العلني عن أحلام التوسع وفرض الأمر الواقع، بعد نجاح آلة الحرب الإسرائيلية المزودة بأحدث الأسلحة الأميركية في تدمير غزة على رؤوس أهلها، وجنوب لبنان، واليمن، وسوريا، وصولًا إلى ضرب إيران ومفاعلاتها النووية.
ستعيش المنطقة سنواتٍ طويلة، ربما عقودًا في ظلامٍ ودمارٍ ما دامت الولايات المتحدة تنظر إلى المنطقة بالعين الإسرائيلية.
ستتواصل حرائق المنطقة ما دامت لإسرائيل الكلمةُ المسموعة، وما دام الغرب يعتبرها إحدى دوله أو ولاياته.
وسيتواصل تكريس الأمر الواقع، ما دام العرب – رغم أكثريتهم – الطرف الأضعف في معادلات الإقليم.
الشرعية الدولية وقراراتها ومؤسساتها باتت بلا معنى، وستظل بلا معنى ما دام منطق القوة، لا العدلُ ولا الإنصافُ ولا الإنسانية، هو الأساس.
أحلامُنا تغيّرت اليوم. لا نريد لروسيا أن تُهزَم، ولا أن تحتل أوكرانيا أيضًا. ولا نريد لأوروبا أن تضعف، ولا لعملاق الاقتصاد العالمي (الصين) أن يُفلِس.
يُصوِّر الغربُ كوريا الشمالية بأنها دولة مارقة، مع أنها لم تحارب أحدًا. هي فقط امتلكت أسلحةً استراتيجيةً في مواجهة الطغيان الغربي في أقصى شرقي العالم.
إسرائيل امتلكت الأسلحة النووية منذ عقود، وتُزوَّد يوميًّا بأسلحة استراتيجية. وهي تقتل وتُدمّر وتعتدي، ويضع الغرب عدوانيتها في خانة الدفاع عن النفس.
آنَ لمنطقتنا أن تستريح، وآنَ للعرب أن يُراجعوا أحوالهم اليوم ومستقبل أجيالهم المُهدَّد بالبؤس والإذلال.
من كل هذا الضعف والخُذلان يمكن أن تنهض أمةٌ إن أرادت الحياة والازدهار. هكذا فعلت أوروبا وروسيا والصين واليابان وفيتنام وكمبوديا، وهكذا تفعل الآن أميركا اللاتينية وأفريقيا.
من حق البشرية كلها، مثلما من حق منطقتنا، أن تنعم بالسلام. ومن حق الرئيس الأميركي أن يُنافِس على جائزة نوبل للسلام.
ستجلس لجنةُ جائزة نوبل للسلام في العاصمة النرويجية لمناقشة طلبات المتنافسين على الجائزة.
ستنظر في ترشيح الرئيس الأميركي للجائزة، وفي نهاية طلب الترشيح توقيعُ مجرمِ الحرب وعدوّ الإنسانية بنيامين نتنياهو.