مع تفاقم الكارثة الإنسانية التي تطال أكثر من مليوني فلسطيني، شنت قوات الاحتلال فجر يوم السبت، عشرات الغارات العنيفة وارتكبت مجازر جديدة في أرجاء متفرقة من القطاع، مضيفة فصلاً جديداً من الدماء والدمار إلى السجل الأسود لهذه الحرب المستعرة.

تطورات ميدانية دامية

أفاد مراسلنا في قطاع غزة بأن الساعات الأولى من فجر اليوم شهدت تصعيداً خطيراً في عمليات القصف والاستهداف المباشر للمدنيين.

وأكدت مصادر طبية في مستشفيات القطاع المنهكة استشهاد العديد من المواطنين وإصابة العشرات بجروح متفاوتة، جراء سلسلة من الغارات التي لم تستثنِ خيام النازحين ولا المنازل السكنية.

ففي مدينة رفح جنوبي القطاع، استهدفت غارة غادرة خيام النازحين في المناطق الغربية، مما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات في صفوف المواطنين الذين لا يجدون ملجأ آمناً.

وفي خان يونس، واصلت جرافات وآليات الاحتلال عمليات التدمير الممنهج، حيث نسفت فجر اليوم العديد من المباني السكنية وسط المدينة، وفي منطقتي جورة العقاد والكتيبة، في محاولة لمحو معالم الحياة وتغيير جغرافية المكان.

أما مدينة غزة، فشهدت سلسلة من المجازر المروعة. استشهد أربعة مواطنين وأصيب عشرة آخرون بقصف استهدف منزلاً لعائلة الصفدي في شارع يافا بحي التفاح شرقي المدينة.

كما استشهد أربعة مواطنين آخرين في قصف استهدف بوابة "الجامعة الإسلامية" التي كانت تؤوي أعداداً كبيرة من النازحين غربي المدينة، في استهداف متكرر للمراكز التي يفترض أن تكون آمنة. وشنت طائرات الاحتلال غارة أخرى على شرقي المدينة.

وفي وسط القطاع، طالت يد الغدر عائلة النائب في المجلس التشريعي هدى نعيم، حيث أفادت مصادر محلية باستشهاد نجلها صهيب محمود القريناوي وزوجته هديل الور وطفليهما، بعد قصف استهدفهم في مكان نزوحهم بدير البلح، وهم من سكان مخيم البريج أصلاً. كما استشهد مواطنان آخران في قصف لشقة سكنية في دير البلح.

حرب إبادة ممنهجة بالأرقام

تؤكد الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة حجم الكارثة الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بدعم أمريكي مطلق.

وحتى اليوم، أسفرت الحرب عن:

الشهداء والجرحى: استشهاد أكثر من 57,823 مواطناً، وإصابة 137,887 آخرين، بينما لا يزال مصير أكثر من 11,000 مفقود تحت الأنقاض مجهولاً.

مجازر متواصلة: ارتكبت قوات الاحتلال ما يزيد عن 15,000 مجزرة، استهدفت خلالها أكثر من 14,000 عائلة، منها نحو 2,500 عائلة تم مسحها بالكامل من السجل المدني.

استهداف الطواقم الإنسانية: تعمد الاحتلال استهداف كل من يحاول إنقاذ الأرواح أو تقديم المساعدة، حيث قتل 1,581 من الكوادر الطبية، و115 من طواقم الدفاع المدني، و220 صحفياً، بالإضافة إلى 754 من أفراد الشرطة وعناصر تأمين المساعدات.

المساعدات كفخ للموت: منذ أن تنصل الاحتلال من اتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس 2025، استشهد 7,261 فلسطينياً.

وتحولت نقاط توزيع المساعدات المحدودة إلى مصائد للقتل، خاصة منذ 27 مايو الماضي، حيث استشهد 788 شخصاً وأصيب 5,199 آخرون أثناء انتظارهم المساعدات، عبر ما يسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" ذات الصبغة الإسرائيلية-الأمريكية والمرفوضة أممياً، والتي تستخدم كأداة لفرض الخضوع والقتل تحت غطاء إنساني.

تدمير شامل للبنية التحتية والحياة

تظهر المعطيات الرسمية والأممية أن حرب الإبادة لم تترك حجراً على حجر، حيث سيطرت قوات الاحتلال على 77% من مساحة قطاع غزة بالاجتياح والنار والتهجير.

وقدرت الخسائر المادية المباشرة بأكثر من 62 مليار دولار، مع تدمير ما يزيد عن 88% من مباني القطاع بشكل كلي أو جزئي.

وامتد التدمير الممنهج ليشمل أسس المجتمع وهويته، حيث دمر الاحتلال:

المؤسسات التعليمية: 149 مدرسة وجامعة دمرت كلياً، و369 بشكل جزئي.

دور العبادة: 828 مسجداً دمرت بالكامل، و167 مسجداً تضررت جزئياً.

المقابر: تم تدمير 19 مقبرة، في انتهاك صارخ لحرمة الموتى.

في ظل هذه المعطيات المروعة، تستمر معاناة أكثر من مليوني فلسطيني يواجهون النزوح القسري والمجاعة القاسية، بينما يواصل الاحتلال حربه التدميرية، متسلحاً بدعم غير محدود وصمت دولي يمثل وصمة عار في جبين الإنسانية.