متخصصون: الانتخابات النيابية فرصة للمرأة لتعزيز حضورها في ساحة العمل العام
اللحظة الاخباري -
أكد متخصصون أن الانتخابات النيابية المقبلة فرصة للمرأة على صعيد تعزيز حضورها في ساحة العمل العام والاستفادة من التعديلات على القوانين التشريعية ضمن منظومة التحديث السياسي، ومجابهة التحديات المتوقعة، مشيرين إلى أهمية تقدير المرأة لقيمة مشاركتها السياسية وحجم التأثير المتأتي من تلك المشاركة.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الحاجة لوصول النساء إلى أجندة صناع القرار من خلال الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب تبرز اليوم لتضع المرأة الأردنية في مختلف ميادين العمل أولوياتها وقضاياها مهما كان الدور الانتخابي الذي تلعبه سواء كانت ناخبة أو مترشحة لأنها الأعرف باحتياجاتها والأقدر على ترتيب أولوياتها والأحرص على تبديد همومها.
وبينوا أن معالجة التحديات والعقبات التي تعيق المشاركة السياسية الفعالة للمرأة هي مسؤولية مشتركة بين الهيئة المستقلة للانتخاب، والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، كما أن نجاح هذه التشاركية يعتمد على مساهمة جميع الأطراف لدعم وصول المرأة حيث ان العمل الفردي اثبت عدم نجاعته فيما مضى.
وتحتل النساء في انتخابات هذا العام ما نسبته 52.5 بالمئة بالنسبة لعدد الناخبين المسجلين البالغ عددهم 5115219 ناخبًا بمجموع 2689926 من الإناث، بحسب جداول الناخبين النهائية التي صدرت عن الهيئة المستقلة للانتخاب عبر موقعها الإلكتروني أخيرا.
وعرضت مديرة وحدة تمكين المرأة في الهيئة المستقلة للانتخاب رئيسة الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات سمر الطراونة مراحل تطور تاريخ مشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية وألقت بإضاءات على المنظومة التشريعية الجديدة مشخصة بذلك بيئة الفرصة السياسية للمرأة الاردنية.
وقالت: ان المرأة منحت عام 1974 حق الترشح لانتخابات المجالس النيابية بصدور قانون معدل لقانون النواب في ذلك الحين، كما تأثرت بالانفراج السياسي عام 1989 عندما انتقل الاردن الى مرحلة جديدة ابرز ما فيها إجراء انتخابات نيابية عام 1989 بعد انقطاع دام 22 سنة وإقرار قانون للاحزاب السياسية عام 1992 بعد أن تم حظرها في الخمسينات.
وأضافت أن المرأة صوتت لأول مرة بانتخابات تكميلية عام 1984، وترشحت لأول مرة عام 1989، وفازت في عام 1993 أول امرأة أردنية تنافسا ( قبل الكوتا)، بينما منحت الكوتا لأول مرة 6 مقاعد من أصل 80 مقعدا عام 2003، وتم رفع الكوتا لـ 12 مقعدا من اصل 110 عام 2010، في حين رفعت الكوتا لـ 15 مقعدا من أصل 150 مقعدا في عام 2013، لافتة إلى أن نسبة المترشحات في الانتخابات النيابية الأخيرة لمجلس النواب التاسع عشر بلغت 22 بالمئة.
وأوضحت الطراونة أنه وبالنظر الى مؤشر المقاعد التي تشغلها المراة في مجلس النواب التاسع عشر تبين تراجع وصول السيدات لمجلس النواب في انتخابات عام 2020 لينحصر في الخمسة عشر مقعدا المخصصة عبر الكوتا ولم تنجح أي سيدة تنافسا وذلك بعد ان وصل عدد السيدات إلى عشرين سيدة في مجلس النواب عام 2016 لأول مرة في تاريخ المجلس.
وقالت إنه بالرغم من أن لمشاركة المرأة السياسية المتزايدة في الأردن تأثيرا عميقا على النسيج الاجتماعي والسياسي في البلاد، ورغم أن وجود النساء في البرلمان أضاف أبعادًا جديدة إلى النقاشات التشريعية، إلا أنه ما زال هناك تحديات محلية، داعية إلى استمرار الجهود في معالجة هذه التحديات بشكل شامل.
وأكدت أن حجم الكتلة الناخبة من الاناث في انتخابات هذا العام يدل على أن المراة والشباب هم الجزء الأهم في العملية السياسية والدور الحزبي ومستقبل العملية الانتخابية، موضحة أن نسبة النساء في الأحزاب الأردنية حتى عام 2019 بلغت 33 بالمئة وفي عام 2014 تقلدت 3 سيدات منصب امين عام (حشد، اردن اقوى، الحزب الوطني الأردني) من اصل 34 حزبا قبل صدور قانون الأحزاب السياسية رقم 7 لسنة 2022 واستلام الهيئة المستقلة للانتخاب ملف الأحزاب السياسية في الأردن.
وأكدت الطراونة مفهوم وعبارة اننا الان فيما يسمى بـ “بيئة الفرصة السياسية للمرأة الأردنية”، موضحة أن المعايير التي تراعي التمثيل العادل للمرأة في قانون الانتخاب منحتها مستويين من التمثيل: فعلى مستوى الدائرة المحلية ارتفع عدد المقاعد المخصصة للنساء للدائرة المحلية حسب نظام القائمة النسبية المفتوحة من 15 إلى 18 مقعدا كحد أدنى (إضافة الى المقاعد النيابية المنصوص عليها) وتم من خلاله توزيع المقاعد على أساس الدوائر وليس المحافظات وهذا اكثر عدلا.
اما على مستوى (الدائرة العامة) المخصصة للأحزاب السياسية حسب نظام القائمة النسبية المغلقة فقد الزم القوائم الحزبية بنص القانون وعند تشكيلها على وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل وكذلك ضمن المترشحين الثلاثة الذين بعدهم، بما يضمن وجود ما بين (8-10) مقاعد إضافية للمرأة عند التطبيق وهذا يعني ان الحد الأدنى الذي منحه القانون للمرأة تقديرا هو 28 مقعدا.
وأشارت كذلك الى تعزيز فرص المرأة المسيحية والشركسية والشيشانية حيث أصبح لديها فرص متعددة (كوتا مقعد المراة، المقعد المسيحي، تنافس)، كما نصت المادة 57/ب: انه عند شغور المقعد المخصص للمرأة من على مستوى الدائرة المحلية يتم اشغاله من المترشحة التي تليها بعدد الأصوات من الفئة ذاتها.
وتابعت الطراونة: اما قانون الأحزاب فقد ضمن تمكين وتمثيل المرأة على 3 مستويات الأول متعلق بالتأسيس والعضوية من خلال وجوب الا تقل نسبة المرأة من الأعضاء المؤسسين للحزب عن 20 بالمئة، والثاني ضمان حقها في تولي المواقع القيادية في الحزب، والثالث يتعلق بالموارد المالية التي توجب تمكينها من الاستفادة من موارد الحزب المتوفرة بشكل عادل ومتكافئ، وقد تم ترجمة هذا التمكين من خلال نظام المساهمة المالية لدعم الأحزاب الصادر بمقتضى المادة (27) من قانون الاحزاب، لتعزيز مفهوم ان المراة تعد فرصة للحزب وزيادة مكتسباته، الذي ربط مكتسبات الحزب المالية بمدى تمثيل المرأة الحزبية الفعال في المواقع التمثيلية من خلال إضافة 20 بالمئة من المبلغ المحدد (10000) لكل فائز من فئة المرأة والشباب والاشخاص ذوي الاعاقة.
واضافت أنه يوجد كذلك مادة تهدف الى حماية هذه المكتسبات استنادا الى المادة (4/و) التي تشترط للحصول على المساهمة المالية الواردة بان يقوم الحزب بتقديم كشف عضوية سنوي يلتزم بشروط التأسيس الواردة في القانون، وذلك للحفاظ على المكتسبات التي حققها كل من قانون الانتخاب، وهذا من شانه تحفيز الأحزاب على التعامل مع تواجد المراة انه فرصة فيبدأ باستقطابها كقائد حزبي ومرشحة حزبية وليس فقط عضوة ومناصرة وناخبة.
وقدمت وصفا لواقع الحال للانتخابات النيابية القادمة حيث بلغ عدد الأحزاب لغاية تاريخ 21 تموز 38 حزبا مجموع الأعضاء المنتسبين اليها 94267 تشكل المنتسبات للاحزاب ما نسبته 44.65 بالمئة والأعضاء من الفئة العمرية (18-35) من فئة الشباب 38.4 بالمئة، في حين بلغت نسبة النساء في المناصب القيادية 30 بالمئة.
وتعتبر منصة الأحزاب التي اطلقتها الهيئة من خلال موقعها الالكتروني نافذة متاحة للجميع ترسيخا لمبدأ الشفافية وتقدم معلومات محدثة لاصحب العلاقة والمهتمين من قوانين وتعاميم بالاضافة الى نظامهم الأساسي وموازناتهم، كما تأتي أهمية هذه المنصة للتسهيل على الأحزاب السياسية في التواصل مع الهيئة ورفدها بالوثائق المطلوبة وبأحدث وأفضل الطرق.
وتؤمن الهيئة المستقلة للانتخاب وفقا للطراونة بأن معالجة التحديات والعقبات السياسية، الاقتصادية، الإجرائية، الثقافية والاجتماعية التي تعيق المشاركة السياسية الفعالة للمرأة كعضوات في الأحزاب، ناخبات، ومرشحات هي مسؤولية مشتركة بين الهيئة، الأحزاب السياسية، منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام.
واتخذت الهيئة عددا من التدابير الإيجابية المعززة لمشاركة المرأة في العملية الانتخابية منها سماح الإجراءات التي وضعتها للمرأة بنقل افراد عائلتها حسب مكان اقامتها ولم تحصرها فقط بالرجل حسب المادة (4/ب) عند اعداد جداول الناخبين بالاستناد الى مكان الإقامة.
كما قدمت الهيئة 12 منحة ماجستير في البرنامج المستحدث (السياسات الانتخابية وادارتها) من الجامعة الأردنية، ما يعطي المستفيدات من هذه المنح ميزة إضافية تخصصية في مجال إدارة العملية الانتخابية.
وأوجدت الهيئة وفقا للطراونة ثقافة تراعي اعتبارات تمكين المرأة العاملة في الانتخابات وتعزيز المساواة بين الجنسين في المناصب والوظائف في إدارة العملية الانتخابية كافة بما فيها القيادية من خلال تضمين تعليمات تعيين لجان الانتخاب بنص صريح بتخصيص (كوتا) امرأة على الأقل في كل لجنة انتخاب على مستوى الدوائر حيث تم تعيين 2 في منصب رئيس لجنة انتخاب في حين 84% في منصب نائب رئيس لجنة انتخاب.
من جانبه، قال مسؤول ملف المشاركة السياسية في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة زيد العطاري أن هناك اهتماما لذكر نسب وأرقام المترشحات أو الراغبات بالترشح من النساء ذوات الإعاقة بالرغم من أن النسبة قليلة ونطمح إلى ان تكون عدد المترشحات من النساء ذوات الإعاقة أكبر في الجولة الانتخابية الحالية أو التالية.
وأضاف: إن الحاجة لوجود مترشحات للانتخابات من النساء ذوات الإعاقة حاجة ضرورية للإشارة لأولويات النساء ذوات الإعاقة واحتياجاتهن في البرامج الانتخابية، وإن لم تكن قد وصلت للبرلمان على الأقل هناك إشارة إليها في برامجهن كمرشحات أو حتى في برامج الأحزاب السياسية.
ولفت إلى أن المناخ العام للتحديث السياسي من خلال القوائم الحزبية والقوائم المحلية وسع دائرة ادماج النساء ذوات الإعاقة ومن يرغب بالترشح عموما، عندما يكون هناك فرص على القوائم الحزبية بالاضافة للقوائم على الدائرة المحلية.
وشدد عطاري على أن هناك حاجة لإبراز الاحتياجات والأولويات وضرورة وصول المرأة ذات الإعاقة لصانع القرار من خلال الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب والتأشير على واقع حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بصورة عامة وأهمية وصول صدى مطالب الأشخاص ذوي الإعاقة بتطبيق قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذي صدر عام 2017 وتعزيز تنفيذه.
وأكد أن وجود مترشحات من ذوي الإعاقة يساعد على التوعية بأهمية مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة عموما بالانتخابات خاصة النساء وامتلاكهن المهارات والأدوات والخبرات اللازمة للعمل السياسي.
وأكد العطاري أهمية المشاركة بكثافة في الاقتراع وعلى الترشح لمن يرى انه قادر على ذلك، وأن يحمل كل الملفات وليس فقط ملف الإعاقة لأن من يريد تمثيل المواطن الأردني سواء من ذوي الإعاقة أو من غيرهم يجب أن يكون ممثلا لكل الأردنيين بجميع قضاياهم.
واعتبر أن مشاركة السيدات السياسية سبب في إدماج قضايا السيدات ذوات الإعاقة ضمن أجندة الأولويات الوطنية الخاصة بالمرأة فعندما يكون هناك حضور وازن للسيدات ذوات الإعاقة بالنشاط العام والانتخابات او بالانخراط في نشاط منظمات المجمتع المدني، فإن ذلك من شأنه إيصال أصواتهن ووضع احتياجاتهن ضمن الأولويات الوطنية عند وضع استراتيجيات وخطط لها علاقة بتمكين المرأة.
بدورها، أكدت الناشطة الاجتماعية إيمان بني إرشيد، أن ترشح المرأة لخوض غمار الانتخابات نابع من معرفتها بقيمتها وأهمية وجودها في مواقع صنع القرار، وممارسة حقها في الانخراط في العمل السياسي والبرلماني، مبينةً أن التنميط من أبرز التحديات التي تواجه النساء في هذا الميدان.
وأوضحت أن العمل السياسي لا يبعد المرأة عن العادات والتقاليد التي تربت عليها، إنما هدفها في الوصول لقبة البرلمان للتخفيف من بطالة الذكور تحديدا، كون المسؤوليات المالية تترتب عليهم في الأغلب، ودعم الأسر العفيفة للقدرة على توفير حاجياتها الأساسية.
من جهتها، عبرت الدكتورة إسلام الدهون عن إيمانها بأهمية تمثيل المرأة في مراكز صنع القرار وتحقيق العدالة والمساواة في المجتمع، وإيصال صوت المرأة الذي يعكس تجارب النساء واحتياجاتهن وتطلعاتهن في السياسات والتشريعات.
وقالت: إن ترشح المرأة دافع لإثبات قدرتها على النجاح والتفوق، والتأكيد على امتلاكها الإرادة والإصرار لتحقيق ما تصبو إليه، لافتة إلى أن الكوتا آلية انتقالية تمهد الطريق لمنافسة عادلة وشاملة في المستقبل، وتضمن تمثيلا متوازنا للمرأة ما يعزز تنوع الآراء والسياسات، بدلا من تغير الأنماط الانتخابية التقليدية ببطء.
وبينت الناشطة الاجتماعية في شؤون الأسرة ميسون الخوالدة، أنها لمست حاجة السيدة الأردنية لتطوير ذاتها وتنمية قدراتها، حتى تواجه الصعوبات المادية والحياتية، وتتمكن من تمويل مشاريعها للارتقاء لمستوى عالٍ من الجودة، تمثيلا للرؤى والجهود الملكية بإيصال القدرات الشبابية والنسائية لمواقع صنع القرار.
وأكدت سعيها لتغيير مفهوم الأحزاب لدى بعض الفئات، بالوصول لبرلمان حزبي بقاعدة شبابية للمرأة المثقفة والمتعلمة والقادرة حصة فيها، والعمل على المساواة بين المرأة والرجل بخلق مجتمع نسائي ذكوري متكامل، مبينة أن الانتخابات الحزبية لهذه الدورة بمثابة مجلس مليء بالعطاء وزاخر بالانجازات، عليه تحقيق نتائج تصب في دعم العملية التنموية الشاملة، وتعزيز الديمقراطية عن طريق إيجاد برامج قابلة للعمل والتنفيذ.