مع ختام الجلسات القطاعية للرؤية الاقتصادية: ماذا بعد؟ عوني الداوود

من المفترض أن تختتم مساء اليوم في رئاسة الوزراء سلسلة الجلسات القطاعية المتخصصة ضمن محركات رؤية التحديث الاقتصادي التي انطلقت في رئاسة الوزراء منذ 23 آب الماضي وتستمر حتى اليوم 6 أيلول الحالي، وبمشاركة أكثر من 500 من الخبراء المتخصصين وممثلين عن القطاعين العام والخاص.
سلسلة الجلسات القطاعية تأتي استكمالًا لسلسلة ورش العمل التي استضافها الديوان الملكي الهاشمي العامر الشهر الماضي، بهدف مراجعة وتقييم مدى التقدم المتحقق في تنفيذ المرحلة الأولى من رؤية التحديث الاقتصادي (2023-2025)، والعمل على إعداد مكوّنات البرنامج التنفيذي الثاني (2026-2029) بطريقة تشاركية تراعي أولويات كل قطاع، وتكون قابلة للترجمة على أرض الواقع وضمن أطر زمنية ومؤشرات أداء واضحة قابلة للقياس والمراجعة، وبما يعكس التوجهات الوطنية، والأهم من كل ذلك ضرورة تعزيز أثر رؤية التحديث على الاقتصاد الوطني وحياة المواطنين.
اليوم، ومع ختام الجلسات القطاعية في رئاسة الوزراء – والتي تُعدّ مرحلة هامة من مراحل إعداد البرنامج التنفيذي الثاني للرؤية – لا بد من تسليط الضوء على أهم الملاحظات التي (لمستها شخصيًا) وبرزت خلال تلك الجلسات القطاعية، والتي ألخصها بالنقاط التالية:
1 - هناك حرص حكومي وإصرار كبير على التأكيد بأن «رؤية التحديث الاقتصادي» هي برنامج عمل الحكومة وخطتها التي تعمل من خلال جميع وزاراتها وإداراتها ومؤسساتها على تنفيذ مشاريعها ومبادراتها وفق ما يتم اعتماده، سواء من خلال التوصيات التي توصلت إليها سلسلة ورش العمل التي استضافها الديوان الملكي، وكذلك ما تم الاتفاق عليه خلال سلسلة الجلسات القطاعية المتخصصة في رئاسة الوزراء، وبعمل تكاملي مشترك.
2 - معظم الجلسات القطاعية أدارها الوزراء المعنيون في كل قطاع، مما يؤكد أولًا إلمام وإحاطة كل وزير بكافة تفاصيل البرنامج الخاص بوزارته، وثانيًا: دخول كل وزير في حوار بنّاء مباشر مع المعنيين بكل قطاع من المشاركين، وخصوصًا ممثلي القطاع الخاص.
3 - تنوع المشاركين من أصحاب القرار في القطاع الخاص أو النواب أو الأكاديميين أو الخبراء والاختصاصيين في كل قطاع أو الإعلاميين وغيرهم، أثرى الحوارات والنقاشات وأدّى إلى الخروج بأفكار متعددة خارج الصندوق.
4 - التركيز في الجلسات القطاعية لم يكن على «الكمّ» بقدر ما كان على «الكيف»، بمعنى أن الهدف الرئيس ليس الخروج بمزيد من المبادرات، بل بمبادرات تتحقق فيها صفات: (أن يكون لتلك المبادرات أثر ملموس، وقدرة على إحداث فرق بخلق وظائف جديدة، والقدرة على رفع معدلات النمو، وأن تتوفر المخصصات المالية اللازمة لتنفيذ تلك المبادرات).
5 - الخطاب الذي أدار به الوزراء الجلسات القطاعية كان مختلفًا تمامًا، فقد كانت واضحة توجيهات رئيس الحكومة الدكتور جعفر حسن لجميع الوزراء بإزالة جميع المعوقات التي تحول دون تنفيذ المبادرات والمشاريع، وتجاوز كافة التحديات التي قد تحول دون جذب مزيد من الاستثمارات.. (وهناك ملاحظات تم التطرق إليها خلال الجلسات وتم حلها على الفور، وأخرى تم التأكيد على متابعة حلها سريعًا).. بمعنى أن الحكومة في سبيل تنفيذ برنامج رؤية التحديث الاقتصادي ترفع شعار – لا بل تطبق شعار – «لا للبيروقراطية، نعم لسرعة التنفيذ»، من أجل أن يلمس المواطن أثرًا سريعًا للمبادرات والمشاريع التي تحسّن من الخدمات المقدمة إليه، وتجذب مشاريع تخلق مزيدًا من فرص العمل وتساهم في رفع معدلات النمو.
6 - الحكومة ترفع شعار «التكاملية» مع القطاع الخاص، في خطوة متقدمة على مجرد «التشاركية»، كونها ستعوّل عليه كثيرًا في برنامجها التنفيذي للسنوات الأربع القادمة (2026-2029)، وخصوصًا في أولوياتها الاقتصادية التي سيتم التركيز من خلالها على المشاريع الكبرى، وفي مقدمتها: الناقل الوطني للمياه، ومشاريع السكك الحديدية، ومشاريع ربط الطاقة مع دول الجوار، وغيرها من المشاريع الكبرى.
7 - الحكومة جادة جدًّا في المضي قدمًا في مشاريع الأتمتة والرقمنة في مختلف القطاعات، كما هي جادة في مراجعة التشريعات لتكون محفزة بصورة أكبر للقطاع الخاص نحو مزيد من الاستثمارات.
*باختصار:
جلسات ونقاشات ورش عمل «الديوان» كان هدفها الرئيس (التخطيط)، والجلسات النقاشية في رئاسة الوزراء هدفها (التنفيذ). وفي ختام أعمالها اليوم، نتوقع أن يُصار بعد ذلك إلى متابعة ومراجعة جميع المبادرات والمشاريع المقترحة وإعادة صياغتها وإدراجها في البرنامج التنفيذي الثاني، والمتوقع إطلاقه في الربع الأخير من العام الحالي، وقبل الانتهاء من إعداد مشروع موازنة 2026.