2025-07-16     عدد زوار الموقع: 5993264

المفكر ثوماس كارات يرد على مقالتي: رؤية نزيهة للانقلابات العسكرية العربية !!

وصلني رد عميق من المفكر ثوماس كارات، الكاتب والصحافي الاستقصائي النمساوي البارز، حيث يقدم مفاهيم جديدة، لرؤية المفكر الغربي النزيه، لدور الانقلابات العسكرية في مآسي العالم العربي الحديثة.
 ( العين المحترم، تحمل كلماتكم الحكيمة عبء ذاكرةٍ ليست تاريخيةً فحسب، بل طاهرة.
وبوضوح مهيب، تُذكّروننا بأن مآسي العالم العربي الحديثة لم تبدأ بالهزيمة، بل بالخيانة، خيانة الأمانات المقدسة، خيانة الاستمرارية، وخيانة أولئك الذين لم تُدافع المؤسسات التي أُنشئت بأسمائهم حتى عن كرامتهم.
لقد أشرتم إلى خيانتين لأهل البيت:
كربلاء وبغداد.
وأنتم على حق. فإن اغتيال الإمام الحسين لم يكن مجرد شرخٍ لاهوتي، بل اختبار دائم للأخلاق السياسية.
وكذلك عام 1958، لم يكن مجرد تغيير في نظام الحكم، بل تمزقًا في العمود الأخلاقي لأمة كانت لا تزال في طور الولادة.
لكن اسمحوا لي، بتواضع، أن أضيف خيانة ثالثة هي خيانة المعنى.
بعد هذه الانقلابات، لم نشهد مجرد حكمٍ عسكري، بل تدمير للذاكرة نفسها. أصبح الانقلاب ليس وسيلة للاستيلاء على السلطة فحسب، بل أداة لقطع الأنساب، ومحو التقاليد، والاستهزاء بشرعيةٍ أخلاقيةٍ بُنيت على تضحياتٍ عظيمة. الملوك المغتالون، الشهداء المُهانون، الأضرحة المُدنّسة، لم تعد تُشكّل تحذيرات، بل صارت منسيّة. صمتهم الآن أعلى من تاريخهم.
لم يستخدم الانقلابيون العسكر السلاح فقط، بل أعادوا كتابة المناهج، وأعادوا توجيه الولاء، واختزلوا الشرعية بفوهات البنادق.
وهكذا نشأنا أجيالًا تعتقد أن السلطة تأتي من أعلى صوت، لا من أنبل قضية.
لقد أحسنتم حين استشهدتم بكلام الرئيس فؤاد معصوم: «لو لم يُقتل فيصل، لكان بنى الدولة العراقية بشكل صحيح».
وأنا أضيف: لو عاش فيصل، لبقي العراق قلب الحداثة العربية النابض: دستوريًا، تعدديًا، فخورًا، وذا سيادة.
ما تنساه الجمهوريات العربية، غالبًا، هو أن الملوك، لا العساكر، هم من أسّسوا أولى الصحف، وأولى البرلمانات، وأولى الجامعات.
المفارقة مؤلمة: فالجمهوريات وعدت بالتحرر، لكنها كثيرًا ما قدّمت الخضوع للإيديولوجيا، وللأجهزة.
ومع هذا السجلّ المرير، لعلّ السؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم هو: كيف نعيد الشرعية دون أن نقع في أسر الحنين؟ كيف نتذكّر الشهداء، دون أن نعيد ارتكاب الأخطاء، التي جعلتهم عرضةً للذبح؟
ربما لم تعد المهمة أن نُعيد الملوك أو نُعلي من شأن الثورات، بل أن نُكرّم، أخيرًا، ما نسيه الاثنان: سياسة الرحمة، حيث تُضبط السلطة ليس فقط بالقانون، بل بالضمير.
وقد ختمتم مقالتكم بقولكم: «والله يُمهل ولا يُهمل.»
وأضيف: والله يبتلي الأمم، لكنه لا ينسى نواياها.
مع أطيب التحيات والاحترام،
توماس كارات.



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

18761 المؤيدين

18534 المعارضين

18479 المحايدين

محايد لا نعم