مختصون: القلق وعدم اليقين وراء تزايد متابعة العرافين مختصون: القلق من المجهول وتراجع الوعي يدفعان للجوء إلى المنجمين
اللحظة الاخباري -
قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة حسين محادين، الأربعاء، إنه يؤمن بأن السنوات لا تبدأ بالأماني بل بالعمل، مع ضرورة البقاء متفائلين بما هو قادم، متمنيا أن تكون خيرا.
وأوضح محادين أن ذهاب الجماهير نحو التبعية الذهنية والتواصلية مع العرافين، من منظور علم الاجتماع السياسي، يشير إلى فشل السياسات والقائمين عليها، الذين لم يتمكنوا من إيصال شعور اليقين بالمستقبل للمواطن، ولم ينجحوا في مخاطبة هذه الكتل البشرية كشركاء في حياتهم اليومية لتبديد أي غموض معرفي يرافق حياتهم.
وبين أن هذه الظاهرة يمكن تقسيمها إلى جانبين، الأول نفسي متعلق بالأفراد، إذ إن هناك أفرادا يعيشون ظروفا قلقة وغير واثقين ببنيتهم، ويعود ذلك لأنماط التنشئة التي تلقوها في بيوتهم.
وأشار إلى أن الجانب الثاني لهذه الظاهرة هو أن السلوكيات تنتقل عبر التفاعل مع الآخرين الذين يوازونهم في الفهم والخلفيات الاجتماعية، ليتحول هذا السلوك، الذي قد يكون سنويا أو دوريا أو حتى يوميا لدى كثيرين، إلى عدوى اجتماعية تستقطب وهج الإعلام وتدر الأموال، وتصبح مطلبا عاما للمتابعة.
وأضاف محادين أن هذه الظاهرة تأتي في ظل تراجع قيمة القراءة والعقل الناقد، وانتشار "قيم التفاهة" في الثقافة والحياة اليومية والاستهلاك المظهري، ضمن منظومة تقود إلى الخواء الفكري، موضحا أن المقصود بفشل السياسات هو غياب أدوات تواصل حية تحترم وعي المتلقي وتزوده بالمعرفة الضرورية ليومياته ومستقبله.
وأكد أن متابعة المنجمين والعرافين أو قراءة الفنجان والكف تمثل محاولة للبحث عن استدرار الاستقرار وخلق توازن نفسي اجتماعي، موضحا أن ما يؤخذ منهم هو نوع من الخدر الفكري المؤقت الذي يتلاشى بعد لحظات أو أيام ويصطدم بالواقع.
ولفت محادين إلى أن مسار الحياة الإنسانية لم يشهد حالة كالتي يعيشها الإنسان المعاصر، إذ يعيش في ثلاثة مجتمعات في آن واحد: المجتمع الطبيعي، والمجتمع الافتراضي، والمجتمع اللاأخلاقي، وهي ثلاثية تصيب الإنسان بدوار إعلامي معرفي تشككه بكل ما تعلمه سابقا، مؤكدا أن العالم يعيش مرحلة انتقال من المجتمع الطبيعي والمسلمات إلى كل ما هو افتراضي.
من جهتها، قالت أستاذة الإرشاد النفسي في الجامعة الأردنية لينة عاشور، إن الإنسان بطبيعته يجد صعوبة في التعامل مع المجهول ويحتاج إلى اليقين، ما يدفعه إلى التأكد من شيء ما ليشعر بالسيطرة.
وأشارت إلى أن لجوء الشخص إلى المنجم أو قارئ الأبراج يولد لديه شعورا بأن الأمور مسيطر عليها، وهو ما يمنحه شعورا زائفا بالراحة والطمأنينة.
وأضافت عاشور أن العرافين والمنجمين يتحدثون عن أمور عامة تصلح لكل زمان ومكان، وأن الإنسان يصدق ما يريد تصديقه، خاصة في حال عدم امتلاكه مهارات كافية للتعامل مع الأحداث المحتملة، ما يعزز شعورا زائفا بالأمن ويشكل سلوكا متخاذلا بقبول الوقائع دون تحمل مسؤولية اتخاذ القرار.
وأوضحت أن لدى البشر مجموعة من الاحتياجات، من بينها الحاجة إلى الأمن والاستقرار والشعور بالسيطرة، سواء كانت حقيقية أو زائفة، ما يدفعهم للبحث عن طرق لتحقيق هذه الاحتياجات، مبينة أن هناك أشخاصا أكثر تمكنا ووعيا ونضوجا نفسيا يمتلكون كفايات نفسية جيدة، لا ينشغلون بالمستقبل بقدر انشغالهم بكيفية التعامل مع الأحداث بطريقة صحية.
وأكدت أن الفئات الأكثر عرضة للمنجمين تتأثر بالمرحلة العمرية والصفات الشخصية، مشيرة إلى أن الفئة الأصغر سنا (25 عاما وأقل) هي الأكثر تأثرا لقلة الوعي واستهدافها بشكل أكبر.
بدوره، قال المختص بهندسة أوامر الذكاء الاصطناعي إبراهيم دياب إن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته لا تخترع شيئا، بل تجمع معلومات وفق الأسئلة المقدمة لها، ولا تعطي معلومات من العدم، وإنما تقدم الإجابات بناء على متطلبات وتجميع كميات من المعلومات.
وأوضح أنه في حال طُلب من الذكاء الاصطناعي التنبؤ كمنجم، فإنه سيقدم الإجابة كمنجم مستخدما ما يعرف بـ"تأثير بارنوم"، وهو التأثير الذي يجعل البشر يصدقون المنجمين عبر جمل تبدو عميقة وذات معنى لكنها في الواقع عامة وتنطبق على معظم المواقف الحياتية.
كما أكد دياب أن الشخص العادي لا يستطيع التمييز بين مقاطع الفيديو أو الصوت المولدة بالذكاء الاصطناعي والحقيقية، في حين يستطيع المختصون ذلك من الوهلة الأولى أو عبر أدوات تحليل متخصصة.
وشدد على ضرورة التثقيف بموضوع الذكاء الاصطناعي والمواد المصنوعة به لتمكين الأفراد من التمييز بين الحقيقي والمولد بالذكاء الاصطناعي.







