2025-12-27     عدد زوار الموقع: 6214904

سمحان يكتب : الرقابة لا تُمارس بالصراخ بل بالوثائق

شادي سمحان

الاستثمار في قطاع التعدين ليس ترفًا اقتصاديًا ولا خيارًا ثانويًا يمكن التعامل معه بخفة أو مزاودة سياسية بل هو أحد الأعمدة الاستراتيجية التي تعوّل عليها الدولة لتعظيم الاستفادة من مواردها الطبيعية وتحويلها من ثروات كامنة إلى قيمة مضافة حقيقية تسهم في النمو وتوليد فرص العمل وتعزيز الإيرادات الوطنية.

الأردن يمتلك ثروات تعدينية واعدة لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في وجود الموارد بل في كيفية إدارتها ضمن أطر قانونية واضحة تضمن مصلحة الدولة وتحافظ على البيئة وتحقق العدالة الاقتصادية للمجتمعات المحلية وهذا لا يتحقق إلا من خلال استثمار مدروس خاضع للرقابة والمساءلة وليس عبر تعطيل المشاريع أو التشكيك بها دون مستند.

من هذا المنطلق فإن دور النائب النيابي هو دور تشريعي ورقابي في الأساس يقوم على مراجعة الاتفاقيات وتحليلها قانونيًا ومحاسبة أي خلل استنادًا إلى وثائق وأرقام وبراهين واضحة لا إلى خطابات انفعالية أو اتهامات عامة تُلقى أمام الكاميرات دون دليل.

الرقابة الحقيقية لا تكون بالصوت العالي ولا بالانسحاب من الجلسات ولا بهدم الثقة بالاستثمار الوطني بل تكون بطرح الأسئلة الدقيقة ومطالبة الحكومة بنشر الاتفاقيات وتوضيح بنودها ومقارنتها بالتشريعات النافذة وبالمعايير الدولية المعمول بها في قطاع التعدين.

إن أي خلل في اتفاقيات التعدين إن وجد يجب أن يُثبت بالوثائق لا بالانطباعات وأن يُناقش تحت قبة البرلمان لا في ساحات الاستعراض الإعلامي فالمصلحة الوطنية تقتضي حماية المال العام دون الإضرار بسمعة الدولة الاستثمارية أو إرسال رسائل سلبية للمستثمرين الجادين.

تعطيل الاستثمار في قطاع التعدين لا يعني حماية الموارد بل يعني إبقاءها معطلة بلا عائد اقتصادي ولا تنموي ويعني تفويت فرص حقيقية على الاقتصاد الوطني في مرحلة دقيقة يحتاج فيها الأردن إلى تعزيز موارده وتوسيع قاعدته الإنتاجية.

النقد حق مشروع بل واجب عندما يكون مبنيًا على معرفة ومسؤولية أما التشكيك غير المستند إلى دليل فيقود إلى نتائج عكسية تضر بالاقتصاد وتضعف ثقة المواطن والمستثمر على حد سواء.

الأردن بحاجة إلى نواب يمارسون رقابتهم بعقل الدولة لا بعقل العناوين وبحجج القانون لا بلغة الانفعال فبناء الأوطان لا يكون بهدم المشاريع بل بتقويمها وتصويبها وحمايتها ضمن إطار المصلحة العامة.



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

28089 المؤيدين

28016 المعارضين

27880 المحايدين

محايد لا نعم