أهمية «المراجعة الرابعة» مع «النقد الدولي» عوني الداوود

من المتوقع أن تبدأ بعثة صندوق النقد الدولي، غدًا الأحد، زيارة لها في عمّان تمتد لنحو أسبوعين، لإجراء مناقشات المراجعة الرابعة لبرنامج الأردن في إطار اتفاقية التسهيل الموسّع، وكما جرت العادة، فمن المتوقع أن تجري البعثة لقاءات مع الوزارات والجهات المعنية، في مقدمتها وزارة المالية (المعنية بالسياسة المالية) والبنك المركزي (المعني بالسياسة النقدية)، إضافة إلى وزارات أخرى منها (الصناعة والتجارة والمياه والعمل)، وغيرها من الجهات المسؤولة.
في كل مرّة تزور فيها بعثة «الصندوق» الأردن يتكرّر سؤال مهم: ما أهمية هذه الزيارات؟ وما أثرها على الاقتصاد الأردني؟ وماذا يعني نجاح المراجعات؟
وللإجابة على هذه التساؤلات لا بد من الإشارة إلى النقاط التالية:
1 - لا يمكن البدء بمراجعة قبل نجاح ما سبقها، وبالفعل - ورغم كل الظروف الإقليمية والتحديات الجيوسياسية التي تحيط بالأردن - إلا أنّ الاقتصاد الأردني تجاوز المراجعة الثالثة بنجاح، حيث أكمل المجلس التنفيذي للصندوق في نهاية حزيران الماضي مشاورات المراجعة الثالثة في إطار الاتفاقية ذاتها (التسهيل الممدد).
2 - الأردن كان قد وقّع اتفاقية مع صندوق النقد الدولي في العام 2024 تم بموجبها تمديد الاتفاقية بين الأردن و»النقد الدولي» لأربع سنوات بقيمة إجمالية تصل لنحو (1.3 مليار دولار).
3 - نجاح الأردن بالمراجعة الثالثة (في 25 حزيران 2025) مكّنه من الحصول على تمويل فوري بنحو (134 مليون دولار أميركي) لدعم البرنامج الاقتصادي.
4 - قيمة ما حصل عليه الأردن حتى الآن من إجمالي الـ (1.3 مليار دولار) يبلغ نحو (595 مليون دولار) حتى نهاية حزيران الماضي.
5 - في حال تجاوز الأردن بنجاح المراجعة الرابعة، فإن ذلك سيعني إتاحة دفعة جديدة بقيمة (97.784 مليون) وحدة حقوق سحب خاصة (قرابة 134 مليون دولار).
6 - العلاقة الوطيدة بين الأردن وصندوق النقد الدولي، الذي يعتبر قصة مراجعاته مع الأردن «أنموذجًا للنجاح» قياسًا بكثير من المراجعات لدول أخرى - وتحديدًا خلال السنوات القليلة الماضية - أفضت إلى موافقة المجلس على برنامج تمويلي جديد مع الأردن ضمن «تسهيل المنعة والاستدامة»، يمكّن الأردن من الحصول على تمويل (يعادل 700 مليون دولار أميركي). ويهدف البرنامج الجديد، الممتد لمدة 30 شهرًا، إلى تمكين الأردن من مواجهة التحديات طويلة الأمد، وتحديدًا في قطاعي المياه والكهرباء، إضافة إلى تعزيز قدرة المملكة على التعامل مع الطوارئ الصحية المستقبلية، بما في ذلك الأوبئة.
7 - لطالما أشادت تقارير صندوق النقد الدولي بالعلاقة مع الأردن والتزامها بما يتفق عليه من خطط إصلاحية، خصوصًا وأنّ جميع الخطط هي أردنية وطنية بامتياز ودور الصندوق استشاري، ولذلك فإن الأردن يضع في خططه ما يمكنه تنفيذه بالتشاور مع الصندوق، الذي يوفّر الدعم اللازم للأردن بناءً على قناعاته وثقته بقدرة الأردن دائمًا على تجاوز التحديات وتحويلها إلى فرص.
8 - نجاح المراجعات الاقتصادية للأردن يشكّل دائمًا شهادات «حسن سلوك للاقتصاد الأردني» تمكّن الأردن من الحصول على قروض بشروط ميسّرة لمدد أطول بفائدة أقل، وهذا ما مكّن الأردن مرارًا وتكرارًا من الحصول على قروض بفوائد أقل لسداد ديون وقروض بفائدة أعلى.. وهذا نهج - بالإضافة إلى إجراءات أخرى - هو ما سيمكّن الأردن من تقليل نسبة الدَّين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لأقل من 80% بحلول العام 2028.
9 - الاقتصاد الأردني نجح - رغم التحديات الجيوسياسية - بتحقيق معدلات نمو فاقت توقعات صندوق النقد الدولي نهاية 2024 (بلغت 2.5%) وخلال الربع الأول من 2025 (بلغت 2.7%)، إضافة إلى احتياطيات أجنبية في البنك المركزي تزيد حاليًا على (22 مليار دولار)، ومعدلات تضخم من النسب الأقل إقليميًا وعالميًا.
10 - لذلك فقد أشار صندوق النقد الدولي في (بيانه الرسمي بالأمس) إلى أن «البرنامج الأردني يسير بثبات على المسار الصحيح، ويعكس التزام السلطات بسياسات اقتصادية كلية متماسكة وإصلاحات هيكلية تهدف إلى تعزيز الصمود وتسريع النمو وتوفير فرص العمل»، وهذه شهادة مهمة من الصندوق مع بدء المراجعة الرابعة للبعثة.
*باختصار:
مهمّة هي المراجعة الرابعة للاقتصاد الأردني في هذه الظروف، لأنها تأكيد متواصل على الثقة بنجاعة ومتانة الاقتصاد الأردني، وتزيد ثقة المستثمرين، وتساعد على جذب مزيد من الاستثمارات، إضافة إلى تمكين الأردن من الحصول على سحب جديد يقدّر بـ (134 مليون دولار) من الـ (1.3 مليار دولار) إجمالي الاتفاقية بين المملكة وصندوق النقد الدولي حتى العام 2028.