نحو اختراق المجتمع الإسرائيلي حمادة فراعنة

سألني الصديق د. عرفات الأشهب عن قصد ما جاء في مقال «انحيازات ناقصة»، ما نصه: «يتطلب فلسطينياً بذل الجهد والتعامل والتلاقي مع شرائح إسرائيلية معارضة للحرب، والتوصل إلى صيغ من العمل المشترك، والشراكة ضد الاحتلال والتوسع والحرب، والبحث عن أرضية تصنع مقدمات المستقبل الذي يوفر الأمن والاستقرار لطرفي المعادلة»؟.
نعم يجب أن يكون واضحاً أن انتصار المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الصهيوني اليهودي، يتطلب شرطين على أرض فلسطين، هما:
أولاً وحدة وتحالف ادوات وقوى وفصائل النضال، والحركة الوطنية الفلسطينية ضمن:
1- برنامج سياسي مشترك، 2- مؤسسة تمثيلية موحدة وهي منظمة التحرير، ومؤسساتها، ومن ضمنها السلطة الفلسطينية، 3- أدوات كفاحية متفق عليها وهي: الكفاح المسلح، الانتفاضة الشعبية، والمفاوضات، باعتبارها أدوات، وليست مبادئ، بهدف الوصول إلى تحرير فلسطين.
ثانياً اختراق المجتمع الإسرائيلي، وكسب انحيازات إسرائيلية لعدالة المطالب الفلسطينية، ومشروعية النضال الفلسطيني في مواجهة الاحتلال و جعله مكلفا، محليا ودوليا.
اختراق المجتمع الإسرائيلي ضرورة مرحلية واستراتيجية، لتمزيق وحدة المجتمع الإسرائيلي ومؤسساته، وإشراك إسرائيليين في العمل الكفاحي المدني ذات طابع ديمقراطي، ضد الاحتلال والاستعمار والصهيونية ومشروعها الاحتلالي الإحلالي، ومن أجل صياغة مستقبل مشترك يُحقق الأمن والاستقرار لطرفي المعادلة على أرض فلسطين.
مستقبل مشترك يُحقق المساواة والعدالة، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني في عودة اللاجئين الذين تشردوا عن وطنهم، واستعادة ممتلكاتهم في المدن والقرى التي سبق وطردوا منها، مستقبل مشترك يُدرك فيه الإسرائيلي أن لا أمن، ولا استقرار، ولا بقاء له على أرض فلسطين بدون الأمن والاستقرار والعدالة والعودة للفلسطيني، ذلك لان المشروع الصهيوني الإسرائيلي اليهودي قام و نما بدعم البلدان الاوروبية الاستعمارية، على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية القومية الدينية الإنسانية، ولهذا ضرورة امتلاك الفلسطيني لحل واقعي يستعيد من خلاله قيادة النضال، وإشراك إسرائيلييين بهذا النضال، ممن يرفضون الصهيونية ومشروعها الظالم الاحتلالي الاستعماري التوسعي غير العادل، غير المشروع، غير الواقعي.
لقد فشلت المستعمرة الإسرائيلية وأدواتها ومجازرها، من طرد كامل الشعب الفلسطيني عن أرض وطنه، إذ بقي أكثر من سبعة ملايين فلسطيني، يشكلون نصف الشعب الفلسطيني، بقي صامداً متشبثاً على كامل خارطة فلسطين، وهذا ما يُفسر مجازر الاحتلال وجرائمه البشعة، حيث يستهدف المدنيين، بهدف قتل العدد الأكبر منهم، وتشريد ما تبقى، في محاولة تقليص عددهم على أرض فلسطين، بدءاً من قطاع غزة، مروراً بالقدس والضفة الفلسطينية، بل من فلسطينيي مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، الذين لن يسلموا من شر برنامجهم ومخططاتهم وأفعالهم الإجرامية.
اختراق المجتمع الإسرائيلي من قبل الفلسطينيين، وخاصة ممن بقي منهم في مناطق 48، الذين يعرفون لغتهم ويجيدون التعامل معهم، ضرورة كفاحية، و العمل على كسب انحيازات إسرائيلية، بهدف جوهري وهو تحريرهم من الفكرة الصهيونية وبرنامجها وأوهام مشروعها الاستعماري التوسعي، وهو إنجاز هام، اذا تم يختزل عوامل الزمن في تحقيق انتصار المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، وهزيمة للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي و اندحاره.