انحيازات ناقصة حمادة فراعنة

شعوب أوروبا تتظاهر وتتضامن مع الشعب الفلسطيني ضد سياسات وإجراءات وجرائم المستعمرة الإسرائيلية، الطيارون الأميركيون يرفضون الإقلاع بطائراتهم العسكرية نحو المستعمرة، لأنهم يحملون السلاح الفتاك المدمر المؤذي بحق أطفال فلسطين، وايرلندا تُطالب بطرد المستعمرة من عضوية الأمم المتحدة، لأن ما تفعله بحق الشعب الفلسطيني يُخل بقيم الأمم المتحدة ويتعارض مع قراراتها.
أفعال الأوروبيين ومظاهر تضامنهم يذكرني بطفولتنا، حينما كنا في المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية، ونحن على الأغلب من عائلات فقيرة، أو من محدودي الدخل، ومع ذلك يتباهى التلاميذ، امام بعضهم ، من يتبرع بمصروفه اليومي لصالح الجزائر وثورتها، إلى الحد أنني قلت في إحدى المناسبات الجزائرية، وعلى ارض الجزائر، وليس خارجها، أننا ونحن تلاميذ، شركاء في ثورة الجزائر عبر القرش اليومي أو النصف قرش الذي كنا نتبرع بها لصالح شعب الجزائر وثورته.
صحيح لم يستشهد أحد من العرب والمسلمين على أرض الجزائر، بل الشعب الجزائري وحده دفع بالدم والتضحيات ثمن حريته واستقلال وطنه، وهكذا يفعل شعب فلسطين اليوم، وسيفعل ولن ينتظر تضحيات العرب والمسلمين مشاركتهم له في معركة حريته واستقلاله، ولكنه كشعب الجزائر ، يحتاج لروافع داعمة مساندة ليس فقط من الشعوب الأوروبية والأميركية والآسيوية والافريقية، بل يحتاج لفعل وإسناد عربي إسلامي مسيحي جدي حقيقي، كما سبق وفعلت الشعوب العربية والإسلامية للجزائر ومع الجزائر.
ما تفعله المستعمرة بحق أطفال فلسطين، وبحق المدنيين بالقتل المتعمد، والتدمير المنهجي، والتجويع المقصود، فعل إجرامي غير مسبوق بهذه الشراسة والهمجية والإجرام، مما يستدعي وقفة جدية، بل وقفات عربية إسلامية تُوازي الإجرام الإسرائيلي كي تردعه، وان لا يواصل افعاله الاجرامية كما يفعل، حيث لا رادع له.
لا شك أن مشروع المستعمرة يسير نحو الهاوية، وانتشار الخلافات والتباين في الأولويات، واحتجاجات القلة المحدودة ضد الحرب، واعتقال شباب إسرائيليين يرفضون الخدمة العسكرية، وعصيان على حدود غزة ضد الاجتياح، مظاهر إيجابية مهما بدت محدودة متواضعة، ولكنها البدايات المطلوبة، نحو الانتشار والتوسع، مما يتطلب فلسطينياً بذل الجهود والتعامل والتلاقي مع هذه الشرائح، والتوصل إلى صيغ من العمل المشترك، والشراكة ضد الاحتلال والتوسع والحرب، والبحث عن أرضية تصنع مقدمات المستقبل الذي يوفر الأمن والاستقرار لطرفي المعادلة، والمعادلة لن تقوم إلا على أساس الأمن والطمأنينة ومواصلة الحياة للطرفين على الأرض الواحدة، حيث لا أمن لطرف على حساب الآخر، ولن يبقى الظلم والحرمان ومصادرة حق الحياة للفلسطينيين لحساب الإسرائيليين، مستديماً، فالتصويب مطلوب، والنضال المشترك ضد الظلم والاحتلال ضرورة للطرفين، للفلسطينيين كما هي للإسرائيليين، وفهم هذه الخلاصة وهذه المعادلة مهمة مزدوجة، لصنع مستقبل خالٍ من الظلم والاستعمار والاحتلال والعداء والكره.