الإجرام بحق مقومات الحياة
حمادة فراعنة
بالأمس كتبت عن جرائم المستوطنين المستعمرين ضد شجرة الزيتون المباركة، المعمرة منذ مئات السنين، وهم يفعلون جرائمهم ضمن برنامج منظم تدريجي، في جعل الأرض الفلسطينية قاحلة، وإفقاد المزارعين مصدر عيشهم و أدوات رزقهم، وعليه يواصلون البرنامج الهمجي الشرس باستهداف الماشية كما يستهدفوا الزيتون، لنفس الهدف السياسي الاقتصادي الذي يمس حياة الفلسطينيين باتجاه فقدان مصادر الحياة، وتعطيل وسائل المعيشة وعناوينها.
المعادلة مقلوبة بدلاً من أن يمارس المواطن الفلسطيني مقاومة الاستيطان والمستوطنين لمنع توسيع المستوطنات الاستعمارية، وقطع الطريق على سرقة الأرض، و التصدي لهيمنة المستوطنات والمستوطنين، يقوم المستوطنون بالاستيلاء على الأرض مجاناً، بدون تكاليف، ويتم تزويدهم بالاحتياجات من قبل حكومة نتنياهو، وتوفير الحماية الأمنية لهم من قبل الجيش، مع تعليمات من قبل الوزيرين: 1- بن غفير وزير الأمن، 2- سموترتش وزير الجيش المشارك، وبالتفاهم مع نتنياهو رئيس الحكومة، وإسرائيل كاتس وزير الجيش، تسهيلا للمستوطنين بأداء كافة الأفعال الجرمية عبر تدمير ممتلكات الفلسطينيين من مزارع الشجر والثمار، وحواضن الماشية وغيرها، بشكل يومي متواصل، بدون أي تدخل لحماية المواطنين الفلسطينيين، باعتبار الجيش والشرطة الإسرائيلية هم السلطة القائمة المفترض أنها تحمي المواطنين من الاعتداءات، ولكنها عكس ذلك تعمل على حماية المستوطنين المستعمرين الأجانب، وتوفر لهم الغطاء في اعتداءاتهم على الفلسطينيين وعلى ممتلكاتهم.
جرائم متواصلة، انتهاكات مستمرة، انحطاط أخلاقي، فقدان لأي حس إنساني، سلوك همجي متطرف، تجعل حياة الفلسطيني صعبة قاسية، فاقدة للطمأنينة، للاستقرار، للأمل.
ما يفعلونه في الضفة الفلسطينية يسير على طريقة ما فعلوه في قطاع غزة، وبدأوا بمخيمات طولكرم وجنين ونور شمس، ثلاثة مخيمات تم تدميرها بالكامل، بهدف إلغاء مفردات المخيم، ومضامين اللاجئ، وصولاً إلى العمل المنهجي السياسي بقرار أميركي، باتجاه إلغاء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، المفوضة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولولا ذلك لتم شطبها، ولكن الأغلبية الساحقة من بلدان العالم أعضاء الجمعية العامة يتعاطفون مع الشعب الفلسطيني بقضيتيه: الأولى حق اللاجئين في الحياة واستعادة عودتهم وحقوقهم وفق القرار 194، والثانية حق المواطنين الفلسطينيين الباقين الصامدين في وطنهم، حقهم في الاستقلال والدولة وفق القرار 181.
صمود الفلسطينيون، والتمسك بحقوقهم ثابت لا رجعة عنه، ولكن الشعب الفلسطيني يحتاج للدعم من الأشقاء الأثرياء، لأن الملاحظ ان بلدان أوروبا تواصل تقديم الدعم لطرفي المعادلة الفلسطينية، للمقيمين في وطنهم، وللمشردين من اللاجئين عن وطنهم، بينما قدرات الأشقاء الأثرياء أكبر من ذلك بكثير.
أهل القدس يحتاجون للدعم والرعاية في سبيل هدف الحفاظ على هويتها الفلسطينية العربية الإسلامية المسيحية، وكذلك لعموم الفلسطينيين المقيمين والمشردين.
الأمل سيبقى معمراً في الأنفس، مهما بدا التقصير، اعتماداً على النص القائل:
لا يصح إلا الصحيح.








