لن ينالوا من الأردن

تحتار اللغة بأن تجد وصفا دقيقا لما تقوم به حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرفة، سواء كان من حروب وانتهاكات واعتداءات أو من تصريحات تصدر عنها بين الحين والآخر، ليس قصورا باللغة، إنما لعدم وجود معان حقيقية يُمكن أن تصف هذه الحكومة وأفعالها وتصريحاتها، لعدم وجود ما يمنحها ما تستحق من وصف يشبه ما تقوم به، رغم القناعة التامة اليوم بأن كل ما تقوم به هذه الحكومة بات واضحا أنه يصدر عن حكومة مأزومة، وأشخاص مأزومين، يبحثون عن أي قضية لتكون مثار جدل يغطي عظيم فشلهم وتأزّمهم .
عندما تهرب حكومة للكلام مجرد الكلام، ولتصريحات عشوائية، وتخبّط، يمكن الحسم بأنها حكومة تعيش أوهاما عشوائية، وبحث في أوراق تالفة، عما يشغل من حولها بما يغطي عن فشلها وتأزّمها، تشغل من حولها والعالم بقضايا هي نفسها تعي جيدا أنها بعيدة المنال، لا بل مستحيلة المنال، في سعي من هذه الحكومة المأزومة لتشتيت الانتباه عن واقعها الهش المأزوم، بما هو وهم وأحلام يقظة، ومخالفات فاضحة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ظنا منها أنها بذلك تزيح وجهة بوصلة الاهتمام عن وضعها المأزوم، وفي واقع الحال حقيقة هي بذلك تزيد من تأزّمها ومن عزلتها الدولية، ولن تنال من الأردن والدول العربية ولا تنتقص من الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
في تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، التي قال فيها إنه متعلقٌ بما يسمى «رؤية إسرائيل الكبرى»، أوهام ومخالفات للقانون الدولي، واستفزاز خطير، ليس هذا فحسب، إنما تهديد لسيادة الدول التي تحدث بشأنها، وفي حديثه هذا وخلال هذه الفترة الزمنية حيث يعيش العالم بحالة من السعي والجهود لإحلال السلام، وبذل جهود لوقف الحرب على غزة، يأتي نتنياهو بهذه التصريحات التي تعد تصعيدا استفزازيا.
الأردن الذي دان تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، التي قال فيها إنه متعلقٌ بما يسمى «رؤية إسرائيل الكبرى»، ورفضها باعتبارها تصعيدًا استفزازيًّا خطيرًا، وتهديدًا لسيادة الدول، ومخالفةً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، أكد بالوقت ذاته رفض المملكة المطلق لهذه التصريحات التحريضية، مشدّدًا على أن هذه الأوهام العبثيّة التي تعكسها تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لن تنال من الأردن والدول العربية ولا تنتقص من الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وهذه التصريحات والممارسات تعكس الوضع المأزوم للحكومة الإسرائيلية ويتزامن مع عزلتها دوليا في ظل استمرار عدوانها على غزة والضفة الغربية المحتلتين.
موقف أردني حاسم، لهذه التصريحات ولكل الممارسات الإسرائيلية التي تضع خلف ظهرها القوانين والمواثيق الدولية، وهو الموقف المتقدّم الجريء الذي وضع إسرائيل وحكومتها المتطرفة أمام حقيقة واحدة أن كل هذه التصريحات والممارسات لن تنال من الأردن ولا من الدول العربية ولا من الحقوق الفلسطينية المشروعة، قولا واحدا، لا يخضع لأي جدل ولا يضع تبعات قولهم في مساحات ضبابية فهي تبعات وردة فعل وموقف واضح، يجاهر به الأردن بوضوح وبسعي حقيقي وعملي أنهم لن ينالوا من الأردن.
حقيقة هذه الادعاءات والأوهام الإسرائيلية، التي يتبناها متطرفو الحكومة الإسرائيلية ويروّجون لها، ما هي إلاّ فتيل يلقون به بين الحين والآخر وفي فترات متقاربة أمام مساعي التهدئة، والسعي لوقف أي تصعيد، ووقف فوري للحرب على غزة، غير مكترثين بأي أثر لما يقولون ولا حتى لأي تفاصيل قانونية وسيادية، يتحدثون وكأنهم يملكون مفاتيح الحقيقة وهم يدركون أنهم يحملون أوهاما عبثية، في الحديث عنها تصعيد استفزازي خطير، لن يوصلهم سوى لمزيد من التأزيم والعزلة.
وربما آن الأوان وسط كل ما تقوم به إسرائيل من تصريحات وممارسات، أن يكون هناك موقف دولي واضح، فلم يبق أي مساحة للانتظار، أو وضع ما يحدث على مشارح التشخيص والدراسة، ما تقوم به إسرائيل وفقا لما يطالب به الأردن يفرض تدخلا دوليا بإدانتها والتحذير من عواقب وخيمة على أمن المنطقة واستقرارها ومحاسبة مُطلقيها، لا وقت للانتظار على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل فوري لوقف إسرائيل عما تقوم به.