2025-07-23     عدد زوار الموقع: 6003684

الجنوب السوري

في الأزمات، ترتدّ المجتمعاتُ إلى عناصرها الأولى. هكذا يقول بعضُ علماءِ الاجتماع.

في جبل العرب، مثلما في جبل لبنان، كان قادةُ وزعماءُ بني معروف يُلقَّبون بالأمراء (الأطرش وأرسلان على سبيل المثال).

حروبُ الجبل في لبنان منذ القرن التاسع عشر، امتداداً نحو فترة الاستعمار، وصولاً إلى الحرب الأهلية قبل نصف قرن، غيّرت المعادلة. وأصبح السياسيون والحزبيون في مقدمة الصفوف.

الانقلاباتُ السورية قبل قرن من الزمان، وصولاً إلى هيمنة حزب البعث في سوريا، غيّرت الواقع تماماً هي الأخرى وإن بصورة مختلفة. صار رجالُ الدين في المقدمة.

الطائفةُ الدرزية، الموحِّدون، بنو معروف، هم عربٌ أقحاح، وجزءٌ أساسيٌّ من تاريخ بلاد الشام منذ قرون، ولا يجوز بأي حال توصيفُهم خارج هذه الحقيقة في حالة التحول الكبرى التي تعيشها منطقتُنا عموماً، وسوريا على وجه الخصوص.

عشائرُ جبل العرب هم أيضاً عربٌ جذورُهم ضاربةٌ في المكان. هؤلاء وأولئك هم أبناءُ سوريا الطبيعية، وسوريا الدولة التي قامت مثل شقيقاتها نتاجَ سايكس-بيكو والاستعمار الأوروبي لمنطقتنا.

يُذكِّر وليد جنبلاط، الزعيمُ الدرزيُّ الجبليُّ اللبناني، أشقاءَه الدروزَ في جبل العرب بتاريخهم العروبيّ، وأخوّتِهم مع أشقّائهم أبناءِ القبائلِ العربية على مدى القرون الطويلة.

الدولةُ السوريةُ الجديدةُ، المريضةُ جرّاءَ حروبٍ وفتنٍ دامت أربعةَ عشرَ عاماً، وجراءَ عدوانٍ إسرائيليٍّ مستمرٍّ استهدف معظمَ عناصرِ قوّتِها العسكرية والاقتصادية، تحثّ الخطى نحو التخلّص من العقوبات والحرمان والحصار المفروض على سوريا منذ سنوات.

ليس للعرب مصلحةٌ في تقسيم سوريا، وكذلك الأمر بالنسبة لما يُسمّى بالمجتمع الدولي، بمن فيه الأوروبيون والمواقفُ الأميركيةُ المُعلَنة على الأقل.

صاحبُ المصلحةِ الأولى في إثارةِ النعرات، وتفتيتِ سوريا إلى جنوبٍ وشمالٍ، شرقٍ وغربٍ، دروزٍ وأكرادٍ ومسيحيّين، فهو نتنياهو الذي يريد تحقيقَ هدفين معاً: إضعافَ سوريا وتبريرَ يهوديةِ دولةِ الاحتلال.

ما يقوم به الأردن اليوم يُعبِّر عن موقفٍ تاريخيٍّ أصيل، عن عقيدةِ المملكة منذ قيامها في الانحياز لقضايا الأمة والدفاع عنها بكل الإمكانات.

للأردن حدودٌ طولُها 380 كيلومتراً، وفي الجهة المقابلة من الحدود فلاحون وبدوٌ ودروز، وكلّهم أشقاء عرب سوريون.

على مدى 14 عاماً، وقف جيشُنا العربيُّ على طول تلك الحدود في مواجهةٍ مع الإرهابيين وتجارِ السلاح والمخدرات.

واليوم، يجد الأردنُّ نفسه أمامَ تحدياتٍ جديدةٍ تتعلق بحالةِ عدمِ الاستقرارِ السوريّ، ولا سيما في الجنوب المجاور لنا.

موقفُ الأردن في حاجةٍ إلى دعمٍ عربيٍّ ودوليٍّ للمساعدة في استقرارِ سوريا ووحدةِ

أرضِها وشعبِها. المجتمعُ الدوليُّ خذلَ الأردن في ملفِّ اللاجئين، أمّا الأشقاءُ العربُ فمطلوبٌ منهم عدمُ الاختلافِ في الشأن السوري، لأن الأولوية اليوم هي لمنطقِ الدولةِ لكلِّ السوريين، واستتبابِ الأمنِ للجميع، وللوحدةِ الوطنية، وهي مصلحةٌ أردنيةٌ مثلما هي مصلحةٌ لكل العرب.

هذه الحالةُ فقط تقطع الطريقَ على نتنياهو وأطماعِه وعدوانِه وأحلامِه التوسعية.



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

19197 المؤيدين

19009 المعارضين

18938 المحايدين

محايد لا نعم