مفلسة ومكسورة..
 
                        							ابراهيم عبد المجيد القيسي
تقريباً يوجد مليون ملاحظة حول الخلل في الدنيا، (كلها خلل).. كناية عن ازدياد حجم التعقيدات، والتسارع في إيقاع الحياة، والقصور في أفق الكثيرين، لا سيما هذه الأجيال الجديدة، فنحن هنا وفي كل مكان في الدنيا، نواجه كل الخلل والعلل في ثقافة ومفاهيم هذه الأجيال، التي تنهل من ثقافة عالمية ذات نمط استهلاكي، يغرق بالمادية ويتعدى عن الاهتمام والتركيز على المعنى والفكرة والقيمة..
البنوك والشركات تؤثر في مجتمع شبابي يتسم بثقافة استهلاكية، لذلك تجد شوارعنا تغص بحجم وعدد السيارات، وتتكاثر حوادث السير والنزاعات حولها، ومن الطبيعي أن شابا بلغ عمره 18 عاما، وعلى الهوية يمتلك سيارة، ولا يلزم أهله على فعل شيء لأجله، سوى الإذعان، ثم يقود سيارته في شوارع مزدحمة أصلا، ولا يأبه لا بحادث سير ولا بخسارة من أي نوع، فهو من الأساس لا يدرك قيمة ومعنى وأهمية ومسؤولية أن يمتلك سيارة وهو بهذا العمر.. ثم يطلق العنان لرغباته وميوله غير المتوازن..
وعلى الجهة الأخرى، تقع حوادث السير، وثمة طبقة كبيرة من المستفيدين منها، (مستشفيات، محامون، سماسرة، تجار قطع سيارات، ميكانيكية...الخ)، كلهم تقريبا اطراف أصيلون في مآلات حوادث السير ونتائجها.. وعلى الجانب الآخر ثمة جهة مهمة، ومتضررة من كثرة حوادث السير، ومن كثرة المستفيدين والمسترزقين منها، وهي شركات التأمين، وقصة التأمين الإلزامي الموحد، الذي تقوم بتأمين سيارتك من خلاله، تأمينا ضد الغير، دون خيار منك بالانتقاء، وحين تقع حوادث السير و(بلاويها)، تدخل في أتون معادلتها المعقدة..
من أهم ما يجب ان يهتم به المواطن اليوم، حسب كلام (واحد من المستفيدين من حوادث السير):
تسأل عن شركة التأمين أولا (هل هي مكسورة، أم مفلسة)! طبعا العجب هنا من هذا السؤال يتبدد، حين تعلم أن شركات التأمين أصبحت تشهر إفلاسها تباعا، فهي لا تصمد أمام (توحّش المستفيدين وأسواقهم)..
الدنيا ما بها من خلل، ولكن كلها خلل، ولو قررنا أن نحل أو نفكك الجحيم والشر القابع خلف (سوق حوادث السير) سنحتاج عندئذ منظومات أخرى من التشريعات، فوق الوعي ومخافة الله.














