هل يقلق الملك؟ ابراهيم عبد المجيد القيسي
في خطاب العرش، وهو الإجراء الدستوري، الذي يعلن فيه انطلاق الدورة العادية لمجلس الأمة، أضاف جلالته هذه المرة مقدمة مهمة، عن مدى اعتزاز جلالته بالصف الاردني الواحد المتماسك الداعم لجهوده كقائد، وللمصلحة العامة، كمصلحة دولة، فوقوف الاردنيين صفا واحدا هو المطلوب الأول والحاسم في تجاوز كل التحديات والأخطار والأزمات.
من الطبيعي أن الملك؛ هو أكثر شخص يشعر بشتى أنواع القلق على الأردن، ومصالحه، واستقراره، ووحدة وسلامة أراضيه، وبالطبع استقرار ووحدة شعبه.. ولا يمكن لأشخاص أو مواطنين عاديين أن يلمسوا حدود القلق، وحجم الجهد والعناء الذي ينتاب قائدا، يحمل على عاتقه مسؤولية وطن وشعب، ويبذل فوق الممكن لتحقيق الأفضل، وتجاوز الأصعب من التحديات المتناسلة منذ نشوء الدولة الأردنية..
خطاب العرش، هو مناسبة دستورية سياسية، يتحدث جلالة الملك خلالها بشكل مختصر عن توجهات الدولة خلال عام على الأقل، ويحدد أولويات عمل على ملفات بعينها، فهو يتحدث بخطاب عرش المملكة، خلال افتتاح دورة برلمانية، حيث إن البرلمان هو نقطة التلاقي بين تفاعلات الدولة، ومنه تخرج التشريعات، وفيه تجري الرقابة والتقييم باسم الشعب كله..
كل عام ننتظر خطاب العرش لنفهم توجهات الدولة كما يراها ويريدها المسؤول الأول عن الدولة، وفي هذه المرة أيضا، حدد جلالته ملامح أجندة الدولة وأولويات عملها، وذلك بالطبع بغض النظر عما يحدث من احداث داخلية او خارجية، وتتطلب اجراءات وسياسات للتعامل معها، وهذا ربما يكون في علم المستقبل، لكن للدولة «مطابخها السياسية والاستراتيجية»، وتتابع وتؤثر وتتأثر بما يجري أو «يطبخ» للمنطقة.
أعاد جلالة الملك توضيح الموقف الأردني من القضية الفلسطينية، ومن المقدسات والولاية عليها في القدس المحتلة، وأكد بأن الأردن ثابت، بل راسخ على مواقفه، ولم يتراجع او يعدل او يبدل فيها، فهي تاريخية ومبنية على حق وليست على باطل، او تخضع لمزايدات.
الاستمرار بنهج الدولة ومسيرتها في التحديث والتطوير والبناء والتغيير، واستمرار الالتزام بهذه المسيرة، المعنية بتطوير أداء الدولة بكل مكوناتها، تطويرا وتحديثا سياسيا وإداريا واقتصاديا، خيار لا رجعة عنه، ولا يمكن إيقافه بعد ان قطعنا فيه شوطا، ولن تكتمل نتائجه وتصبح ملموسة قبل ان ننفذ كل المطلوب منه، لهذا فالأردن تعلّم ويقوم بالتعليم، وزرع وما زال، يزرع ويحصد ما قدمه من جهد وخير ونجاح وفلاح.
خطاب العرش انطوى على ملامح لأجندة، حاول التأكيد خلالها على الثوابت في الاداء، والدفاع عن الفكرة الاردنية تجاه القضايا المهمة، وذلك رغم أن لا شيء يراد له أن يبقى على حاله في المنطقة كلها، وهي تتعرض لسائر أنواع وعوامل التأثير والتغيير والعبث الدولي العابر للحدود.
الملك أكد قدرته وجدارته في إبقاء الشعلة الأردنية متوقدة، رغم كل العواصف.








