2025-09-13     عدد زوار الموقع: 6082675

الكيان الإسرائيلي: الذابح والمذبوح !! محمد داودية

هذا تعليق غربيٌ، مجردٌ، شجاعٌ، مدهشٌ، عميقٌ، صلبٌ، تأصيليٌ وكثيفٌ، أرسله لي الصديق توماس كارات الصحفي الاستقصائي النمساوي، على مقالتي المنشورة هنا في الدستور يوم أمس الأربعاء، يحمل نُذُرًا، تؤشر على المآلات التي تنتظر الإرهاب الصهيوني، الذي كلما تفاقم أبان عن الهشاشة التي نعرفها وبدأ العالم في اكتشافها.
اليكم هذه السبيكة المدهشة: (سعادة العين المحترم، يعرض مقالُك تشريحًا مروعًا ولكنه مألوف للغاية، للعنف الإسرائيلي: عنفٌ رَدِّي وأحيانًا استباقي، رمزي، وفي النهاية عقيم في إخماد روح المقاومة الفلسطينية.
إن قائمة الأسماء التي أوردتها -غسان كنفاني، وأبو جهاد، وأحمد ياسين، والرنتيسي، وأبو علي مصطفى- ليست مجرد سجل لشهداء، بل هي خريطة نفسية لمخاوف المشروع الصهيوني، ترسم الوجوه التي يعتقدون أنه لا بد من إزالتها حتى تبقى روايتهم قائمة.
لكن فعل الاغتيال نفسه يكشف عن فشل أعمق: فشل في مواجهة شرعية الهوية الوطنية الفلسطينية.
إن سياسة إسرائيل في القتل خارج نطاق القانون لا تعكس فقط اعتبارات تكتيكية، بل تعبّر عن حالة من التهجير الاستراتيجي للفكرة: الإيمان بأن إسكات القادة قد يمحو الأفكار التي يمثلونها. إنه نظام «نسيان استراتيجي» مفروض بالصواريخ.
ما يلفت النظر -وما يجب ان يُسلَّط عليه الضوء كفاية- هو مدى تجذّر ثقافة الاغتيالات المحددة الأهداف في العقلية السياسية الإسرائيلية، وليس فقط في عقيدتها العسكرية.
هذه الاغتيالات ليست مجرد عمليات أمنية، بل هي عروض مسرحية مصمّمة لطمأنة الداخل الإسرائيلي وردع الإقليم. وكما هو الحال في آلة «الهاسبارا»، غالبًا ما يكون الصوت أعلى من الصاروخ.
وهناك بُعد آخر قلّما يُناقَش: الاغتيالات أصبحت رقمية بشكل متزايد. أدوات المراقبة، والتوصيف المدعوم بالذكاء الاصطناعي، والاختراقات السيبرانية، أصبحت السهام الجديدة في جعبة الموساد.
قد يكون «الهدف» اليوم حسابًا بنكيًا، أو خادمًا إلكترونيًا، أو إشارة مشفّرة، لكن الغاية تبقى واحدة: الإلغاء، والتعطيل، والتشويش.
ومع ذلك، فإن النمط الذي تكشفه ببلاغة لا يزال ينهار تحت تناقضاته الداخلية. فكلما قتلت إسرائيل أكثر، كشفت عن هشاشتها أكثر. وكلما حاولت اقتلاع المقاومة جراحيًا، أثبتت أن المقاومة ليست ورمًا، بل نبض شعب.
وأخيرًا، أَسمح لنفسي بتقديم تأملٍ قلّما يُقال بصوت عالٍ:
إن اغتيالات إسرائيل، في سعيها لإيقاف عجلة التاريخ، لم تفعل إلا تسريعه. لقد حوّلت الرجال إلى أساطير، والقادة إلى قضايا، والمنظّرين إلى أفكارٍ أكبر من أن تُخترق برصاصة.
الكعب الحقيقي لأخيل ليس في الأمن العملياتي، بل في الوهم القائل بأن العنف قادر على إسكات الشرعية.
أثمّن وضوحك وشجاعتك.
مع خالص الاحترام، توماس



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

22409 المؤيدين

22231 المعارضين

22178 المحايدين

محايد لا نعم