جميل يا دولة الرئيس

الصحفي فقط، من يمكنه ان يقول «لكن»، حين يتعلق الأمر بقرارات وتوجهات الحكومة، لدعم الصحافة المهنية الوطنية، وتصويب سلوك الجهات الرسمية معها، وصحفيا، ممنوعة هذه ال «لكن»، من غير الصحفيين المنتسبين لنقابة الصحافيين الأردنيين، التي نثمن جهودها، وندعمها، في سعيها لتصويب مسار هذه المهنة الشريفة، الحساسة، فوق اهميتها الكبيرة، ولو أن جهود مجلس النقابة جاءت بعد أكثر من عقد ونصف ، وذلك على الرغم من ان تلك السنوات شهدت تعديلات على قانون نقابة الصحفيين، وتعاونت خلالها الحكومات، تعاونا كبيرا في دعم الصحافة، ومؤسساتها، حتى المؤسسات ذات الخط المعارض للحكومات.. وهذه روح تعاون حكومي ورسمي، بلغ في بغض المواقف متقدما على النقابة نفسها، وهي على العموم حالة من النوع الذي «ينذكر وما ينعاد».
نشكر موقف رئيس الحكومي الموضوعي من دعم هذه المهنة المقدسة، وهذه مواقف تبين أن الرئيس لا أجندة في ذهنه سوى تطوير الأداء العام، ومأسسته، وتسييد ثقافة القانون، وإفشائها، في تعامل المؤسسات الرسمية مع الشأن الأردني العام، وعن نفسي أؤكد بأنني حقا في حالة دهشة إيجابية من سلاسة رئيس الحكومة، وصفاء ذهنه ونفسه، وذهابه في تفكيره مباشرة إلى الحلول الممكنة، دونما تنظير و»زعيق» .. فقط شهيق وزفير وقرارات في مكانها، وأنا هنا أتحدث عن الصحافة، وليس عن أية مهنة او قطاع آخر، لكن يمكنني القول بأن د.جعفر حسان يبلي حسنا حتى في القطاعات الأخرى، فالرجل واضح ومباشر، ولا يحتاج لطقوسيات ونضالات، ومعارضات، وسجالات، ليقدم الحلول، وموضوع التعميم الذي وجهه رئيس الوزراء، مخاطبا مؤسسات الدولة، ان تلتزم بالتعامل مع الصحفيين أعضاء النقابة، والمؤسسات الصحفية المرخصة، لتغطية الأخبار والأحداث والفعاليات الرسمية، يعبر بوضوح عن صفاء تفكير هذا الرئيس، ومدى تصالحه مع نفسه، والتصاقه بمبدأ «لا يصح إلا الصحيح».. فبوركت الجهود..
وين ال «لكن» المذكورة في المقالة،
يمكنني مع قلة قليلة من الزملاء ان نتحدث عن هذه ال»لكن»، بأكثر من طريقة وفكرة، وكلها صحيحة، وعن نفسي اقول:
لكن يا دولة الرئيس، صدرت عدة تعميمات رئاسية سابقة، تدعم هذه المهنة ومؤسساتها، أذكر منها على وجه الخصوص، تعميم صادر عن حكومة، وكان موجها للجهات الرسمية نفسها، بان تعطي الأولوية لأعضاء نقابة الصحفيين، بالتعيين في مجال الإعلام الحكومي.. وعلى امتداد كل الفترة من تاريخ صدور ذلك التعميم المهم، تابعنا بعض تلك التعيينات، وبالكاد رأينا فيها صحفيين من أعضاء النقابة، بل وظهرت في الحكومات مبادرات وتوجهات وأفكار، كثيرة، لتدريب الموظفين الحكوميين في مديريات واقسام الإعلام في الوزارات والمؤسسات، لتأهيل هؤلاء الجدد في جسم المؤسسات الرسمية.. أي أن هؤلاء ليسوا بصحفيين مهنيين، ويحتاجون تأهيلا، وما زال أداؤهم متراجعا كثيرا، إذا ما قورن بالأداء المهني، وهذا واحد من أهم أسباب غياب وتراجع او قلة تأثير خطاب الدولة! رغما عن وجود مؤسسات اعلامية رسمية ذات تاريخ صحفي مشرّف.
لو قلت للرئيس، لن نتجاوز معضلة تقهقر الخطاب الرسمي في زمن صعب، إلا بمأسسة اداء إعلام المؤسسات، وتوكيله لصحفيين مهنيين، لتوضحت ال «لكن» المطلوبة، لأنني ازعم وأنا متأكد، بأن خطاب الدولة هو الحقيقة بالنسبة لي ولصحفيين كثر، وهو الذي يجب ان يصل اولا للداخل والخارج، وبالتالي هو الذي يجب ان يجري تصويب ادائه، وأن تتوقف المؤسسات الرسمية عن تعيين موظفين حكوميين في هذا المجال، وتحصر الأمر فقط بأعضاء نقابة الصحفيين، فهم المهنيون، الأكثر تأهيلا لإدارة هذا العمل الحكومي الرسمي الحساس، ولو كان الأداء مهنيا في هذه الدوائر الرسمية لما عانى خطابنا الرسمي من كل هذا الضعف والتقهقر.
التعميم الذي اصدره رىيس الوزراء مهم، ويحظى بأهمية أكبر، لأنه صدر عن هذا الرئيس في هذه الظروف، لكنه يحتاج لمهننة وقوننة ومأسسة الإعلام في مؤسساتنا الرسمية حتى يكتمل الأداء، ويسير في مساره المطلوب، فالدولة تبذل وتتعب و»تقاتل»، وتبني وتسعى جاهدة للتطوير، وتحاول ان تكون شفافة، وحريصة على النزاهة، وتحقق نجاحات لكن أغلب هذا لا يصل للناس، ونجدهم يجنحون او ينزعون لشيطنة المؤسسات والوزارات، ومواجهة إنجازاتها وصمودها وتضحياتها، بالإشاعة، والأخبار الضعيفة، الغارقة بالشكليات و»التلميع»، على حساب الإنجاز والقانون.
هذه خطوة صحيحة ويجب ان تتبعها او توازيها مأسسة إعلام الوزارات والمؤسسات الحكومية، وإسناد مهمة الإعلام فيها لصحفيين من أعضاء النقابة، أصحاب الكفاءة والانحياز لخطاب الدولة.. وهم كثر.