افتح تليفونك ومرّ على لائحة الأسماء اللي مسمّيهم أخوي الروح وأقرب من الشقيق وأبو القلب الشريك واللي بعتلك ميم عن المنسف سنة 2019. اسأل حالك: كم واحد منهم جاوبك يوم تعطّل قلبك مش منشورك؟ هون يبدأ فيلمك الشخصي عن صداقة تكتشف كذبها متأخراً بعد ما تكون دفعت وقت ومحبة ووجع منسف أكلته لحالك.
الصداقة الكاذبة يا زلمة مثل منسف بلا لحم: رز، لبن حامض، وصاحب الدار بحلف إنه على الأصول. بنصدّق لأننا بدنا نصدّق؛ بنطرب لـ عيوني ويا خوي أكثر مما نفحص الفاتورة. في صداقات تغليف ذهبي من برّة كلام سكّر ومن جوّة هوا، تضغط شوي تسمع صفير.
تطبيقات الدردشة كشفتنا: صداقة رسائل سريعة وتعازي مختصرة وعلامات إعجاب جماعية ومقاطع صوتية بنص ثانية فيها إنت أخوي. جرّب اتصل فيهم وسيارتك عالقة بطريق عمّان– الغور مثلا وشوف مين بييجي. الصداقة مش عدد التفاعلات؛ الصداقة عدد الكيلومترات اللي قطعها صاحبك كرمالك بدون ما يحسب البنزين.
لحظة الكشف الحقيقية بتطلع غالباً بفجر مطري وابنك مريض والعيادات مسكّرة. تتصل: واحد بحكي مشغول، الثاني بنأجّل للصبح، الثالث مغلق من سنين، والرابع بوصل بلا سؤال ولا استعراض. هذا صديق، والباقي أرشيف مكالمات.
الوجع مش لأنهم كذبوا، الكذب منتشر. الوجع لأنك فتحتلهم بيتاً جوّا القلب وحطّيت المفتاح تحت سجادة تفضّل بأي وقت. دخلوا، اتفرّجوا، نقلوا الحكي لقروب ثاني. هون الدرس: اعمل تدقيق دوري لصداقاتك مثل عدّاد المي؛ كل ستة شهور اسأل مين حضر بلا كاميرا، مين سأل بلا مناسبة، مين حفظ سرك حتى وإنت مختلف معه. هدول خزّنهم بمكان آمن مكتوب عليه مش للبيع.
الباقي نزّلهم من رف الثقة لرف المعارف؛ مش لازم تقطع، بس رتّب. وتذكّر: صديق الطوارئ أهم من صديق الطاولة؛ المنسف جماعي، الطوارئ شخصي.
إذا اكتشفت الصداقة الكرتونية متأخراً لا تلوم قلبك لأنه أحب، اللوم إنك ظلّيت مغمّض. افتح عيونك، ضيّق الدايرة، وزّع قلبك بحصص محدودة مش منشورات انتخابية. الصديق الحقيقي لما تحكي له تعال بسأل وين، مش ليش. والباقي خلّهم بقائمة أصدقاء المناسبات على وضعية صامت.