2025-06-30     عدد زوار الموقع: 5971608

«فضل» يُذكِّرنا بقيمة التكريم ومَنْ يستحقونه

‏على اتساع المدينة، ورحابة صدرها، ضاقت أمام بلدية إربد الخيارات، فأصدرت قراراً بإلغاء تسمية أحد «الميادين» باسم الراحل فضل الدلقموني واستبدلته باسم آخر، المرحوم «فضل « لن يغادر ذاكرة الأردنيين الذين سجلوه على قائمة (الشرف الوطني)، سواء توشّح باسمه شارع أو دوّار أو لم يتوشّح، مَنْ يشعر بالمرارة والاستنكار نحن، الأردنيين، حين يتعمد البعض الانتقاص من رموزنا، أو تجاهل تكريمهم، أو استبدالهم بآخرين لم يتركوا على تراب بلدنا أي بصمة موقف أو إنجاز.
‏ما حدث في إربد يستدعي التذكير بقيمة «التكريم» التي أصبحت جزءاً أصيلاً من تقاليدنا الوطنية، أقصد تكريم الدولة لرموزها وأبنائها المخلصين: العسكر والشهداء، المعلمين والعمال، كل الرعيل الذين ساهموا ببناء البلد، وما أكثرهم (!)، من سياسيين ومثقفين واقتصاديين وغيرهم في كافة القطاعات والمهن، هؤلاء يستحقون أن تُطلق أسماؤهم على الأماكن والشوارع والمدارس والجامعات والمرافق العامة، لكي يظلوا أحياء في ذاكرة الأردنيين ومصدرَ إلهام لأجيالنا القادمة.
‏لا أدري، هل نجحنا في امتحان «التكريم « أم لا ؟ أقصد هل كرّمنا، مثلاً، من يستحق التكريم، هل الأسماء التي نطلقها على الشوارع والمرافق العامة في مدننا تعكس الامتثال لهذه القيمة، أم أنها لا تمثلها ولا تستحقها؟ هذه الأسئلة بحاجة إلى نقاشات عميقة، لكن ما أريد أن أقوله: إن تعزيز الهوية الأردنية الوطنية، وما تفرزه من انتماء للوطن، وارتباط بالدولة، وتضحية من أجل مبادئها ومصالحها، يرتبط بشكل أو بآخر بقيمة «التكريم «، صحيح الأردنيون يقومون بالواجب دائماً تجاه وطنهم، بلا منّة، وبدون أن ينتظروا شكراً من أحد، لكن الصحيح، أيضاً، هو أن الدولة يجب أن ترد التحية على أبنائها المخلصين، سواء الذين ما زالوا أحياء، او الذين ودّعونا إلى الدار الآخرة.
لدينا مئات الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم دفاعاً عن فلسطين وبلداتنا العربية الأخرى (يتجاوز عددهم 1228 شهيداً)، ولدينا عشرات الشهداء الذين ذادوا عن بلدنا «غربان» الإرهاب وقطعان الانفلات الأمني منذ أن تأسست الدولة، هؤلاء هم رصيدنا الاستراتيجي حين نتحدث عن قيم الدولة، وعن أمنها واستقرارها، وهم الأصدق والأنقى من كل الذين عبروا على معاناتنا، ولا يزالون يجترون أمامنا بطولاتهم، ويحذروننا من الوضع القائم، وهم شركاء فيه. هؤلاء الشهداء هم الذين يستحقون، أولاً، الاحترام والاحتفاء والتكريم.
لدينا في تاريخنا القريب والبعيد، أيضاً، نماذج ورموز وطنية يمكن أن نستلهم منها قيم الاستقامة وأخلاقيات العمل العام، ممن تركوا في ذاكرتنا الوطنية «رمزية» خاصة للتجرد من كل مصلحة شخصية، والالتصاق دائماً بالناس ومصالحهم، والارتفاع فوق «إغراءات» المواقع والاحتكام إلى «نبض» البلد، هؤلاء وغيرهم لا تذكرنا بهم «الثروات» التي تركوها، وقد رحلوا فقراء، ولا تذكرنا بهم «المواقع» التي شغلوها، وإنما القيم التي آمنوا بها، والمواقف التي سجلوها والأخلاقيات الرفيعة التي التزموا بها حين مارسوا أعمالهم السياسية أو الإدارية أو غيرها. هؤلاء يستحقون، كذلك، الاحتفاء والتكريم.
رجاء، أعيدوا الاعتبار لدماء شهدائنا الأردنيين، ولكل « الذوات» الأردنيين الذين خدموا بلدنا بصدق وإخلاص، ولم ينتظروا تقسيم الغنائم، أو تتلوث أيديهم بالفساد، دعوا المناهج تتحدث عنهم، اجعلوا منهم منارات يستهدي بها شبابنا، افسحوا لهم مجالاً للتكريم بكل مناسبة، لا تملوا من تكرار أن هذا البلد، بلد الأردنيين والأردنيات، الأوفياء المخلصين، ولا تمنعوا أسماءهم وأرواحهم وإنجازاتهم ومواقفهم وذكرهم الطيب من التحليق في فضاءاتنا العامة، لتذكّرنا على الدوام أننا أحياء، وقادرون على الصمود وردّ العاديات.



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

17745 المؤيدين

17500 المعارضين

17404 المحايدين

محايد لا نعم