2025-06-29     عدد زوار الموقع: 5969069

حملاتٌ ظالمةٌ

يستشعر الأردنيون ظلمًا لا يستحقونه وطنًا وقيادةً وشعبًا.
تبدو المسألة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام وكأنها حملةٌ عفويةٌ ظرفيةٌ، إلا أن التبصر في الأمر لا يحتاج إلى جهدٍ كبيرٍ لمعرفةِ من يقفون وراءها.
ظُلمُ ذوي القربى أشدُّ وقعًا، لذلك فإن الطائفيين والخوارج والحاسدين والعابثين من حولنا الأكثر افتراءً، وليس مؤلمًا أكثر من فجورهم وإسفافهم سوى بعض الجاحدين والحاقدين في داخلنا.
أما أعداء الإنسانية والحقوق الشرعية، والقتلة والمجرمون الدوليون في حكومة الاحتلال المتطرفة، فليس متوقعًا منهم أقل من كل هذه الحملات والتشكيك.
كلمةُ السرّ وراء كل هذا الاستهداف تكمن في مسألتين أساسيتين: الأولى موقف الأردن المبدئي الثابت تجاه فلسطين، القضية والشعب والظلم التاريخي والقتل والدمار، وتوليه قيادة الجهود السياسية والدبلوماسية والإغاثة، وفضح رواية الاحتلال. والثانية صمود الأردن وازدهاره في وجه عواصف المنطقة التي أطاحت بأنظمةٍ واقتصاداتٍ وعُمرانٍ.
غير أن الظلم الواقع على الأردن اليوم ليس جديدًا، والأردنيون وقيادتهم عانوا من الظلم ولا يزالون منذ قيام دولتهم، على مدى قرنٍ من الزمان ويزيد.
كانت الشعارات، الشعارات وحدها، تمنح الشرعيةَ والقوميةَ والحقَّ في الاتهام والتدخل والإيذاء. تحمّل الأردن كل هذا، بدءًا من اغتيال الملك المؤسس، وثلاثة رؤساء حكومات (إبراهيم وهزاع المجالي ووصفي التل)، ومسؤولين ودبلوماسيين، والإخلال بأمنه واستقراره، ومحاولات الانقلاب على الحكم، وإلحاق الأردن بأنظمةٍ لم تجلب لشعوبها سوى الضعف والخراب.
كل ذلك الظلم، وكل تلك المؤامرات، لم تُثنِ الأردن، قيادةً وشعبًا، عن الوقوف إلى جانب أشقائه العرب في كل الظروف والأحوال. واليوم يبرز الدور الأردني في إغاثة كل شقيقٍ منكوب، ليس الشقيق الفلسطيني فحسب، بل كل شقيقٍ عربيٍّ مظلومٍ أو خائفٍ أو ناجٍ من موتٍ محقّقٍ.
ذاكرة الأردنيين قصيرةٌ مع المسيئين، قويةٌ مع من وقفوا إلى جانبهم في الظروف الصعبة، وأرشيفنا الوطني يحفظهم باعتزازٍ.
ليس ما نعيشه اليوم جديدًا، لكنه سيثبت، كما أثبت في كل مرة، أنّنا في الجانب الصحيح من التاريخ، ومن المستقبل أيضًا، وسيأتي إلينا من يقفون في الجانب الآخر، وسننسى ظلمهم.
في الأردن عاش رؤساءُ دولٍ شقيقةٍ ما كانوا أثناء ولايتهم على علاقةٍ طيبةٍ مع الأردن، بل وكان بعضهم خصمًا في بعض الظروف والأحوال، وماتوا في عمّان. عن الرئيس العراقي عبد الرحمن عارف، وعن الرئيس السوري ناظم القادسي، وعن نائب رئيس جمهورية الوحدة السورية المصرية (الجمهورية العربية المتحدة) أكرم الحوراني، وعن مئاتٍ من رؤساء الحكومات والوزراء والجنرالات العرب أتحدث.
التواصلُ الاجتماعي أعطى العالِمَ والجاهلَ فرصًا متساويةً للظهور على الناس، مثلما أعطاها لأهل الخير ولأهل الشر، للظالم والعادل أيضًا.
المشكلة هي في انكفاء العلماء والمجربين وأهل الخير، وفي رواج الشتم والتجريح والتحريض، واعتبارها من حقوق التعبير.



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

17662 المؤيدين

17411 المعارضين

17322 المحايدين

محايد لا نعم