صواريخ «تل الربيع»!

«إسرائيل» ولدت بشهادة ميلاد مزورة العام 1948. مجلس الأمن الدولي أصدر شهادة وفاة فلسطين وميلادها في نفس الوقت. من ولد بعد هذا التاريخ أخذت تتسرب الى آذانه أسماء عبرية لمدن وقرى فلسطين. هي نفسها التي ارتكبت العصابات الصهيونية بحماية الانتداب البريطاني المجازر فقتل من أهلها من قتل وتشرد من نجا.
في طفولتها وطفولتنا كنا نسمع من المؤتمرات والاذاعات والبيانات العربية عبارات، كنا نصدقها، مثل « فلسطين المغتصبة، سنحررها شبراً شبراً، قضية العرب المركزية» وغيرها.
كبرنا وصغرت تلك الشعارات. وفي العام 1967 احتلت «إسرائيل» القدس وما تبقى من فلسطين وسيناء والجولان وجنوب لبنان. أسموا تلك الحرب الهزيمة « النكسة « للتخفيف من صدمة الشعوب العربية التي كانت تنتظر التحرير ورمي الاسرائيليين في البحر. ولاخفاء خيبتهم العسكرية وأسرار تلك الهزيمة التي لم تزل حتى اليوم ملقاة في بئر الكتمان.
إسرائيل أسمتها حرب الأيام الستة وسجلتها في تاريخها بهذا الاسم لتظل تفتخر بها أنها هزمت العرب واحتلت أرضاً جديدة في ستة ايام، ستة فقط !
لا نريد أن نسهب في التاريخ المقيت فالكل يعرفه. البعض صدقه وتعايش معه، البعض تصالح معه بدعوى الواقعية، والبعض اتخذه حليفاً ضد « العدو الإيراني» الذي يحلو للبعض تسميته الفارسي والمجوسي والملالي وما إلى ذلك.
هؤلاء يتناسون او لا يدركون أن اسرائيل فترة من التاريخ وإيران قطعة من الجغرافيا. التاريخ متغير والجغرافيا ثابتة. فلا يمكنك أن تبعد أرض ايران عنك ولا أن تمحو تاريخها الضارب قي القدم. صحيح أن علاقات العرب معها لم تكن دائماً « سمن وعسل «.
قورش الكبير أول ملوك فارس ( 529-560) قبل الميلاد له مكانة خاصة عند اليهود لأنه حررهم من السبي البابلي وسمح لهم بالعودة الى القدس واعادة بناء هيكلهم المزعوم وزودهم بالمال المنهوب من خزائن بابل.
إيران الشاهنشاهية التي أسساها رضا بهلوي العام 1925 وكان آخر ملوكها ابنه محمد رضا بهلوي كانت حليفة لاسرائيل والشرطي الأميركي على العرب. كلاهما لم يكن معمماً ولا مرشداً وربما لم يكن يصلي.
مناسبة هذا الكلام الحرب الدائرة الآن بين ايران واسرائيل. فحتى لو افترضنا جدلاً أن ايران الحالية لها أطماع في المنطقة العربية، فأيهما أولى، أن تقف ضد لص يسرق بيتك ويقيم فيه أم ضد آخر « تعتقد « أنه سيسرق البيت؟ على الأقل ما يسمونه المشروع الصفوي خطر مؤجل أما الصهيوني فهو حاصل الآن ويعلن قادته أنهم ماضون في السيطرة على مزيد من الأرض العربية « من الفرات الى النيل « !
ثم من يشكم أو يحاول أن يشكم نتنياهو المجرم الدولي وعصابته عن ارتكاب مجازر القتل والتجويع ضد أطفال ونساء غزة؟
لا تلوموا من يفرح للصواريخ التي تدك تل أبيب ولأربعة ملايينها يهرعون الى الملاجىء فيما إسرائيل تحرق خيام أهل غزة بمن فيها. هذه الـ «تل أبيب كانت قبل 77 سنة مجرد مزارع يلقط منها أهل يافا العنب والدوالي، كما كانت تقول لي جدتي. كان اسمها « تل الربيع « ضاحية من ضواحي يافا فأصبحت يافا ضاحية من ضواحي عاصمة الكيان الإسرائيلي المؤقت.