2025-03-31     عدد زوار الموقع: 5806110

جيشنا على جبهة الشمال

سوريا؛ دولة عربية مهمة، ذات موقع استراتيجي «رهيب»، وهي بوابة العرب الفعلية لأوروبا، وكذلك هي أهم البوابات العربية على البحر المتوسط، وعلاوة على هذا الموقع الجغرافي الاستراتيجي بالنسبة للغرب، هي كذلك بالنسب لجزء مهم من الشرق، سيما وهي عنصر ثقيل في محور ما يسمى بالمقاومة، الذي «تتسيده» إيران، ولعل هذه المعلومة الأخيرة هي التي ضاعفت من التحديات التي تواجه سوريا في السنوات الأخيرة، والتي تعيش سوريا سلسلة من تداعيات، التي ربما ستكون الأسوأ، والأخطر.
على امتداد تاريخ الدولة الأردنية، والوجود الأردني ما قبل الدولة الحديثة، وما قبل التاريخ أيضا، والأردن وسوريا كيان واحد، وذلك بعيدا عن التقسيمات السياسية والأنظمة الحاكمة او حتى الاستعمارية، فهما عمق واحد، وتتأثران بالأحداث الداخلية والخارجية، وتعملان معا لتجاوزها.
في التداعيات المؤسفة التي انطلقت في بعض المدن السورية منذ أسابيع، وأصبحت تتداعى بالأسوأ على سوريا، وتتناسل منها تحديات أمنية واقتصادية كثيرة تؤثر على الأردن، يتفاعل الأردن مع هذه التحديات، وحتى أكون دقيقا وصريحا، فأنا غير مرتاح ولا مقتنع بأن ما يقوم به الأردن، يكفي، لمواجهة أخطار هذه التحديات، وأنا لا أتحدث على الصعيد الديبلوماسي، فالأردن سياسيا يعبر عن مواقفه واستعداداته، ووقوفه مع وحدة سوريا، أمن وسلامة شعبها وأراضيها، لكن ما يزعجني هو الناحية الأمنية الدفاعية، فسيطرة القوى والميليشيات المسلحة على مدن في سوريا، ونشرها للفوضى، يشكل خطرا وتهديدا كبيرا جدا على الأردن، فالجهة التي تعادي وتصارع النظام، ليست دولة ولن تكون، وفي حال سيطرتها على سوريا أو جزاء منها، فستكون عندئذ مناطق «سرطانية»، لا أحد يمكنه التنبؤ بسرعة واتجاه انتشارها وتأثيرها، لأنها وبكل بساطة، يصعب على العالم كله التعامل معها، لأنها أشد خطرا من الدول الاستعمارية، ولدينا أكثر من دليل وحدث متعلق بالأردن، يؤكد بأن هذه الميليشيات لا تعمّر كثيرا في الوجود السياسي، لأنها وببساطة «متطرفة»، ولا يمكن لأي نظام سياسي في العالم ان يرتاح لوجودها لا على مقربة ولا «مبعدة» منه.
الأردن بالنسبة للمنطقة العربية كلها، يقبع في عمق مهب العواصف السياسية والأمنية، التي تثيرها الدول العظمى في صراعاتها المحمومة، او تلك التي تثيرها العصابات وتجار الحروب والدم، وتكاد تكون أجندتنا الأردنية المحلية غارقة بنسبة تزيد عن نصفها، بسبب تداعيات هذه الصراعات والعواصف.
هذه الظروف تستدعي من الأردن موقفا دفاعيا واضحا، وأعني بالوضوح هنا، أن يكون لدينا خطتنا الدفاعية المعلنة، لحماية حدودنا، ومنع أي تواجد ميليشيوي بالقرب منها، ولا أطالب بالتدخل بالشؤون السورية الداخلية، ولا القيام بأي نشاط عسكري على التراب السوري، لكنني أقول وأطالب الدولة بأن يكون لديها مثل هذا الخيار، لو اصبح هناك تواجد ميليشيوي في أي مكان سوري يتصل بحدودنا، فحدودنا في هذه الحالة ليست الأراضي السورية فقط، إنما هي الأراضي السورية التي تقع تحت سيطرة النظام والجيش السوري، وغير هذه الجهة السياسية الرسمية السورية، يجب أن لا نعترف بوجوده القانوني على حدودنا الشمالية.
نعم؛ نريد ان يحتشد جيشنا في الشمال، فنحن نقع في عين عاصفة كبيرة من الفوضى، يصعب التعامل معها لو بقينا نقف ضمن حدود وأعراف الديبلوماسية فقط، فهذا خطر أمني أكثر منه قضية سياسية معقدة، وهو يتطلب التأهب الكامل لحماية أنفسنا وعدم الركون إلى ما تقرره أو تنتظره او تفتعله القوى الدولية المتصارعة في سوريا.



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

10814 المؤيدين

10472 المعارضين

10474 المحايدين

محايد لا نعم