عاصفة الكاميرات في شوارع عمان
ابراهيم عبد المجيد القيسي
لا أعرف عددها، ولا كم سيكون هذا العدد بعد إضافة كاميرات أخرى، حسب تصريحات أمانة عمان، لكنني متوجس كالآخرين، فهذا الدفق الهائل من الصور، يحتاج لعدد كبير من المحللين، ولطحشة من التعليمات وربما مثلها من التشريعات، ولا أحد يضمن عدم وجود أخطاء، فبلدان التكنولوجيا نفسها، التي قطعت شوطا كبيرا في تكريس ثقافة القانون، و»سستمة» أو أتمتة الشوارع والمواصلات وحركة المرور، هي نفسها وعلى الرغم من تأثيث شوارعها وفق أفضل مخططات تنظيم المدن، إلا أنها تتراجع عن احتساب مخالفات ما، بسبب نسبة الخطأ العالية في الصور، وذلك طبعا مع توفر الخبراء هناك .. فكم لدينا من الخبراء يا ترى في أمانة عمان، وكم سنستغرق من الوقت لنخرج بنتيجة وقرار، متعلق بظلم في مخالفة كمخالفة حزام أمان، كان السائق يضعه بالفعل، لكن بسبب انعكاسات الضوء لم تكن الصورة حاسمة، وتم (شمط) السائق مخالفة؟
بالطبع كلنا مع (سستمة) حركة المرور، وتجنيب الناس الحوادث، وبنفس الدرجة من الحرص على تجنيبهم الخسائر المالية، ولا أقول تجنيبهم الخسائر بسبب كثرة المخالفات فقط، بل أيضا بسبب سوء الطرقات، وعدم صلاحيتها وتأثيرها، بل قل (تكسيرها) للسيارات بسبب الحفر والمطبات واشكال العبث الأخرى، الكثيرة، ونحن نعلم يقينا أن التكنولوجيا تتمدد وتتسع وسوف تشمل الشوارع وحركة السيارات، لتصبح في النهاية كلها مؤتمة، وحتى أنه لا يلزم أن يقوم أحد بقيادة السيارة شخصيا، بل إن السيستم سيتولى القيادة، وسوف تكون نسبة حوادث التصادم تساوي صفرا، لأن السيارات ستملك حساسات كثيرة، وسوف تتواصل بينها لتتوقف أو تغير مكانها إن اقتربت من سيارة أخرى.. لكن السؤال الآن:
هل نحن وقوانيننا وشوارعنا فعلا مهيؤون للتعامل مع هذه التكنولوجيا واعتمادها، والركون إليها في عدالة الحكم على المخالفات؟
طبعا السؤال يشمل القوى البشرية المدربة والمؤهلة للتعامل مع الصور؟ وهل المواطن مؤهل للقبول بهذه الثقافة القانونية؟ وهل شوارعنا حقا على الحياد حتى لا نقول انها سبب مباشر لكثير من المخالفات والتجاوزات؟!
نشاهد أنظمة تحكم الطرقات وحركة السير في بلدان ومدن فيها شوارع نموذجية، وتتمتع ببنى تحتية مثالية، والنظام فيها راسخ في عقول الناس وفي سلوكهم، علاوة على استقرار واتزان ومنطق في القوانين والتشريعات، لذلك يصبح موضوع الأتمتة لحركة المرور حاجة لا بد عنها، وتصبح سببا رئيسيا لمزيد من تنظيم وارتياح عام.
كم نحتاج من وقت وجهد ومال و»اتزان» لنتمتع بهذه النعمة؟!
ما بندري.








