2024-03-28     عدد زوار الموقع: 3456002

الجرافيتيون يقتفون أثر الأجداد في تزيين عمارة الأردن

فن ومشاهير
نشر 2023-07-10 13:38:37
2312
شارك الخبر

اللحظة الاخباري -

 يقتفي عدد من فناني الجرافيتي (الرسم أو الكتابة على الأسطح والجدران)، أثر أسلافهم الأنباط والآدوميين، فمنذ العصور الحجرية ومع تعاقب الحضارات والممالك، بات للجداريات الحظ الأوفر في الجانب الثقافي والفني لشعوب هذه الممالك، واستمرت لتحكي جزءا من المشهد الثقافي مع ظهور التقنيات الفسيفسائية في بداية القرن الأول ميلادية جنبا الى جنب مع الرسم الجداري.

فالرسم والزخرفة كفن وأداة تعبير ثقافية كانا حاضرين في العصور القديمة مثل الرسم على الجدران (جدران الكهوف أو المباني) والصخور، والرسم على الفخار، والقماش أو على البردي والجلود، كما يؤكد أستاذ الآثار في كلية البترا للسياحة والآثار في جامعة الحسين بن طلال الدكتور محمد الطراونة.

وبحسب الطراونة تعددت أشكال الرسم والزخرفة، فمنها الرسم الملون باستخدام (أكسيد الحديد)، والرسم بالتحزيز والنقر على الحجر أو بـ (التعفير) أي طبع كف اليد على الكهوف كما في العصور الحجرية، مشيرا الى رسومات الثقافة الغسانية شرق الجفر والتي عثر فيها على أقدم لوحة مصغرة (مخطط) لمبنى قائم في العالم، وكذلك الرسومات الجدارية على إحدى الغرف في موقع بعجة شمال البترا وغير ذلك الكثير مما اكتشف في مواقع أخرى في الاردن، لافتا الى التوابيت العمونية المشهورة الموجودة الآن في متحف جبل القلعة ومتحف الأردن.

أستاذ تاريخ الفن والعمارة في جامعة اليرموك، الدكتور خالد الحمزة اعتبر أن الفن الجرافيتي الحديث نهج وظاهرة شغلت حيزا كبيرا من اهتمام المؤسسات الفنية والقائمين عليها، حركة لها دوافعها ومضامينها ولغاتها وأساليبها ما جعلها قادرة على الاستمرار والرسوخ والامتداد.

وأوضح أن شخصية هذا الفن تبلورت في ستينيات القرن الماضي واستمد أساساته من الكتابة؛ ثم أضيفت إليها رموز وعلامات كثيرة، وكلها رسائل الجرافيتيين، كما أطلقوا على أنفسهم، إلى نظرائهم في الأحياء الأخرى أو المجتمع أو السلطة.

وأشار إلى أنه يعتبر هذا شكلا من أشكال التعبير الفني؛ فهو بمثابة سجل يرصد تطور جوانب البشرية ولم يعد مجرد تسجيل لحضارات الشعوب أو تجسيدا لملامح هويته الثقافية فقط، وإنما أصبح لاعبا أساسي في تنمية وإحياء الثقافة البصرية، وتصحيح مفاهيم الرؤية.

وأوضح أن الأعمال الفنية الجدارية تسهم بشکل خاص في تنمية الحس الفطري للفرد، والارتقاء بذوقه الجمالي، کما تُعمق الوعي الثقافي للمجتمع.

وتتضمن المعاني والأفكار الأيدلوجية في الأعمال الجدارية رمزًا أو عدة رموز تحمل معان أو أفکار مختلفة، وإنما يُنظر إلى تکوينها وما تحمله من أفکار ومعان، ومنها ما يتعلق بثقافة المتلقي الذي يتأمل تلك الأعمال الجدارية التي تعبر عن حرية التعبير عن الأفكار، وحرية اختيار المفردات الشکلية المرتبطة بالبيئة والمجتمع، بحسب الحمزة.

رئيس قسم تصميم الجرافيك في كلية الفنون والتصميم في جامعة الزرقاء الدكتور ماجد كمال الدين، يقول، إن هذا النوع من الفنون مارسته البشريَّة بدايةً من الرسم على الكهوف، ومرورًا بالحضارات القديمة، الفرعونيَّة، واليونانيَّة، والرومانيَّة، والبابليَّة، والآشوريَّة… وغيرها.

ولا يعتقد كمال الدين أنَّ الإنسان القديم مارس الرسم على جدران الكهوف لطقوس دينية، أو تمائم للتغلب على مخاوفه من الوحوش كما تدعي كثير من المراجع القديمة، ولكنها الفطرة البشرية المحبة للفن التي مارست الإبداع منذ خلق آدم عليه السلام، وستستمر حتّى قيام الساعة.

ولفت إلى أنه ظل التطور لهذا النوع من الفن بشكل مستمر مع بداية ظهور الحضارات القديمة، بدأ الفنان يسجل بهذا الفن الأحداث، ويؤرخ للمعارك الحاسمة في تاريخ الحضارات، ويوثق الحياة اليوميَّة للقادة، والملوك، والسلاطين، ويوثق بعض الشعائر والطقوس الدينيَّة عند كثير من الأجناس والأعراق.

وأشار الى أن هذا الفن كان حاضرا في قصور ملوك الدولة الأمويَّة ونرى ذلك أيضا في رسوم جداريات غاية في الروعة في قصير عمرة، كمثال على التصوير الجداري في تلك الفترة، إلى أن أعيد إحياء هذا الفن في العصر الحديث لكن بمضامين مختلفة.

وأوضح أن البعض يطلق على ذلك تسمية “الفن الشعبي” أو “فن الشارع”، لافتا إلى أن بعض الفنانين لا يحبون تسميته بالفن التشكيلي، بسبب وضوح أفكاره ورسائله المباشرة.

وأكد أن كثيراً من طلاب كليات الفنون والتصميم في العديد من جامعات المملكة، سطَّروا أجمل النماذج والأفكار الإبداعيَّة، مبينا أن طلبة من كلية الفنون والتَّصميم في جامعة الزرقاء، قاموا بتطبيق هذا النوع من الفن في بعض مواد تخصص تصميم الجرافيك على خزائنهم بالكلية؛ مّا أضفى لمسات جمالية على المكان.

استشاري طب نفسي الدكتور محمد شعبان، أشار إلى أنَّه تُعد الفنون بمختلف أشكالها من الوسائل التي استخدمت منذ القدم وما تزال في تشخيص وعلاج الأمراض النفسيَّة جنبًا إلى جنب مع الطرق العلاجية الأخرى.

وأشار إلى أنَّ الرسم يوفر فوائد عدّة للصحة النفسيّة، ويعمل على زيادة التواصل والتفاعل الاجتماعي، خاصة إذا كان الفن والرسم لأحد المعالم العامة في أي مجتمع كالميادين والساحات والأماكن العامة، وعلى الجدران والأبنية أو حتّى المواصلات العامة.

كما أن الفن يستخدم كوسيلة للحد من الانعكاسات والضغوط الحياتيَّة اليوميَّة كالقلق والتوتر والإحباط والاكتئاب والخرف وفقدان الذاكرة، والمشاكل النفسيَّة والصحيَّة والاجتماعيَّة.

ويعبر الفنان علاء الدِّين رحمة مؤسس مبادرة “تحت أرض عمان”، وصاحب فكرة الرسم على جداريات المباني التي وصل عددها الى 400 جدارية حتى الآن، عن ذهوله من احترافيَّة الجرافيتيين الأردنيين القدماء، مع تعاقب الحضارات والممالك على الأرض الأردنيَّة القديمة، مشيرا الى أنه منذ العصور الحجرية ومع تعاقب الحضارات والممالك، بات للنحت الحظ الأوفر في الجانب الثقافي والفني لشعوب هذه الممالك، ومع بداية القرن الأول ميلادية، استمرت الجداريات بالظهور في الأردن مع الوجود الروماني في المنطقة، حيث ظهر جنبا الى جنب مع الجداريات الفسيفسائية كجزء من المشهد الفني في البلاد.

على أنَّ رحمة يؤكد أنَّ تذوق هذا الفن “يستدعي أن تلتزم بالتشاركية مع فريق متمكّن في الفن والرسم، فتطرح عليهم الفكرة، ليشرعوا برسم المخطط وإيجاد أفكار في كل مساحات المشروع المكاني، ليكون النّاظر إليها هو المحلل والمتأمّل، وكي تثير في نفسه أسئلة مفتوحة، تحفزه على البحث عن الإجابات، وتعزز لديه شغف التعلّم والإتقان”.

وأشار إلى أنّه يعقد جولات سيرا على الأقدام في طرق مدينة عمان ضمن مبادرة مجتمعية، أطلقها في العام 2019، تهدف إلى تأمل جماليات المدينة وجدارياتها، خاصة في وسط البلد وحي الزغاتيت في الهاشمي الشمالي التي تسرد قصة.

فمدينة عمّان الحضاريَّة، حسب رحمة، غنيّة بمعالمها وآثارها وحكاياتها وهويتها الثقافيَّة والفنيَّة، وهو ما “حاولنا تجسيده على جدران البنايات والعمارات السكنيَّة، والتلوين بالفرشاة مباني مدن الأردن العريقة، في العديد من المحافظات كإربد وعجلون وجرش لإرساء دعائم الفن الحديث فيها.

وأكد أهمية اختيار الألوان بعناية لأثرها العميق في النفس، فكلُّ لونٍ من الألوان يبعث الراحة والطمأنينة، ويغرس مفاهيم قيميّة ومجتمعيّة.

ويحظى الموقع الإلكتروني لرحمة المكرس للفن الجرافيتي في الأردن؛ بمتابعة كبيرة، فضلا عن التفاعل الكبير على صفحاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي حرص من خلالها على بث منشورات باللغة الإنجليزية؛ حرصا على إيصال فكرته ورسالته للعالم، وتشجيعا للسياحة ما أمكن.

ونظرا لأهمية ثبات الألوان في الجداريَّة بسبب ما يعتريها من الظروف الجويَّة، أشار رحمة إلى أنَّه يستخدم أنواعًا من الدهانات وعلب الرش العازلة التي تحافظ على جودتها لفترات طويلة تصل لنحو عشرين عامًا، لافتا إلى أن جدارية بمساحة (15 × 10) أمتار تستغرق عملا من سبعة إلى عشرة أيام، وتكلف مبالغ كبيرة لتوفير مواد وأدوات التصميم والألوان إضافة الى رافعة.



أخبـــار ذات صلة

لأول مرة .. السعودية تشارك في مسابقة ملكة جمال الكون

منذ 2 يوم

ياسمين صبري تثير الجدل بتصريحاتها الأخيرة

منذ 3 يوم

رسالة من هاري وميغان إلى كيت ميدلتون بعد إصابتها بالسرطان

منذ 5 يوم

مؤلف "راس غليص" لبرنامج الموعد: الأردنيون أسهموا بتأسيس السينما المصرية

منذ 6 يوم

ميغان تكشف عن "الإساءة البغيضة" التي تعرضت لها

منذ 2 اسبوع

أمل غربي تطلق " تزعلني " بنغمة رومانسية

منذ 1 شهر


استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

3268 المؤيدين

2828 المعارضين

2554 المحايدين

محايد لا نعم