هل هي أمة واحدة؟! ابراهيم عبد المجيد القيسي

في تسعينيات القرن الماضي، وبعد المشكلة العراقية الكويتية، انطلقت مرحلة أخرى مؤلمة من الهزائم العربية، وهي ذاتها مرحلة الانهيار الكبير الذي طال مبادئ القومية العربية، ومع عملية السلام الدولية، التي دعت إليها وأشرفت عليها الدول نفسها التي قسمت العالم العربي، بدأت القُطرية تتجذر أكثر من السابق، ولاحت في الأفق آنذاك ملامح الإثنيات والعرقيات، وشكلت ظروفا مثالية لنوع جديد من التقسيم الإضافي على الأمة العربية التي قسمها سايكس -بيكو سابقا..
نذكر هذا الآن لأننا نشهد مرحلة جديدة من مراحل التقسيم، ورغبة الأعداء التاريخيين للوجودين العربي الإسلامي والعربي المسيحي، بمزيد من سيطرة على الارض والموارد الطبيعية، وتعزيز موقفها ضد الصراعات العالمية الكبيرة..
فالظروف التي دفعت بريطانيا وفرنسا قبل اكثر من 100 عام لتقسيم منطقتنا بينهما، وتراجعهما عن وعودهما للشريف حسين بن علي رحمه الله، بالدولة العربية الهاشمية الكبرى بعد انهيار الحكم العثماني، وكان في باريس ولندن رجلان، يجتمعان ويرسمان خطوطا على الخارطة، يقسمانها دون ادنى اكتراث أو تفكير أو سابق معرفة بمصير أمة.. ورسموها، ثم تقاسموها بينهم، ومنحوا فلسطين للصهيونية، وتجذرت القسمة في عقول وقلوب العرب، أكثر مما كان يعتقده ويتمناه الذين قاموا بتقسيمها، ثم احتلوها، وسيطروا عليها عشرات السنين، ولم يغادروها إلا بعد أن ضمنوا نشوء كيان مجرم، هو وكيلهم، الذي سيكمل المهمة، وما زال يقوم بالمطلوب، حتى اليوم، لكن هذا اليوم فيه معطيات جديدة، تمنحهم فرصة لمزيد من التقسيم والتحكم، والعبث..
ربما لن يطول الوقت لنشهد خرائط جديدة، وإدارة جديدة للمنطقة، سيما وأن كل العالم يتأهب خلسة لموجة عالمية أخرى من الصراع والحرب الكبرى، وقد تكون مبادرة ترمب بشأن حرب الإبادة هي الخطوة الأولى للانتقال إلى مرحلة عملية من التقسيم الجديد، وقد يكون هناك شخص او اكثر، يصيغون او انتهوا من صياغة القسمة الجديدة، وأدوارها، وخرائطها، كما فعل أجدادهم سايكس - بيكو.
أصبحتا لا نصدق التاريخ ولا نفهم اللغة..
فمتى بالضبط، أعني في أي يوم كانت هذه الكيانات أمة واحدة، وما هي اليوم رسالتها الخالدة؟