أرباح واتفاقية خلاقة ابراهيم عبد المجيد القيسي

أرباح المؤسسة ترتفع عاما بعد عام، مثلا: في الأعوام 2022، 2023، 2024 وعلى التوالي كانت الأرباح (1.62)، (4.75)، (5.1) مليون دينار، أي أن هناك تزايدا في الأرباح كل عام، علما أن رأس المال كان يتزايد أيضا للأعوام نفسها وعلى التوالي (49)، (60)، (75) مليون دينار، وبلغ رأس مال المؤسسة في العام الجاري 2025 حوالي (100 مليون دينار).. وقد يكون أحد أسباب زيادة الأرباح ارتفاع رأس المال، وثمة أسباب أخرى تفسر زيادة الأرباح..لكن في كل الأحوال، هو إنجاز مؤسسي، حكومي.
نعم حكومي..
فالمؤسسة هي مؤسسة الإقراض الزراعي، والعمل والإدارة والتفكير والغايات.. كلها حكومية، تسعى لتطوير وتحديث وتنمية القطاع الزراعي، وهذه المؤسسة هي الذراع المالية لوزارة الزراعة، أي هي التي تدعم المزارعين وسائر القوى العاملة في الانتاج والابتكار والتطوير والتصنيع الزراعي.. وهذا التنامي في الأداء والنتائج والإنجازات، أيضا، متعلق بمنظومة كاملة عملت عليها وزارة الزراعة في السنوات المذكورة، ضمن «خطة»، كانت وما زالت نموذجا من العمل الحكومي المتفرد، الذي نتمنى أن يستمر في القطاع الزراعي، وان نراه في قطاعات أخرى، أو للدقة في وزارات ومؤسسات حكومية تدير شؤون قطاعات أخرى.
من مديرها العام المهندس محمد دوجان، علمت عن اتفاقية جديدة، وقعتها مؤسسة الإقراض الزراعي مع نقابة تجار المواد الزراعية، وهي من الأمثلة على التفكير «الجديد» الذي تفكر وتعمل عليه مختلف المؤسسات الحكومية، العاملة في قطاع الزراعة، والتي يرأس مجالس إداراتها وزير الزراعة.. ومن خلال هذه الاتفاقية الفريدة من نوعها على مستوى المؤسسات التمويلية الحكومية وغيرها، تتجلى فكرة الشراكة مع القطاع الخاص، ويتجلى مفهوم التطوير والتحديث، وكذلك الحرص على تقديم خدمات حكومية وطنية، تسعى لتوسيع مساحات التنمية الزراعية، وتوفر بيئة مناسبة لزراعة مستدامة، وتتسم الاتفاقية بمرونة فريدة من نوعها لا سيما في العمل التمويلي الحكومي.
باختصار شديد:
فكرة الاتفاقية، أن تقوم المؤسسة بإقراض المزارعين قروضا زراعية، لشراء مستلزماتهم الزراعية من التجار، على ان يقوم التجار بدفع فوائد القروض، وتقديم أسعار تفضيلية للمزارع المقترض، فالمزارع في الظروف الطبيعية يعاني من «الطفر» غالبا، وحين يريد شراء مواد أولية أو غيرها من مستلزمات الزراعة، يشتريها بالدَّين، وتكون أسعارها مرتفعة، وحين يعجز عن السداد فلن يتمكن من الحصول على هذه المواد في العام التالي.. فيتوقف عن العمل، او يقل نشاطه، فجاءت هذه الاتفاقية، لتحل هذه المعضلة، فالتاجر يبيع ويتقاضى ثمن بضاعته (كاش)، وبذلك يملك سيولة، والمزارع يقترض بلا شك، لكن بلا فوائد، ويشتري المواد بسعر تفضيلي، وهذه واحدة من الأفكار الفريدة والعبقرية الخلاقة في مجال التمويل الهادف، التي تخفف الأعباء عن الجميع، وتكسر حلقات مستعصية أمام أطراف العملية التجارية والعمل الزراعي والعاملين أو المستثمرين في مجاله.
هذه جهود تشاركية رسمية وخاصة، صادقة، تتجلى فيها مساعي التطوير والتحديث والتغيير، والمنطق، ويعود خيرها على جميع الأطراف، وحبذا لو نشاهد هذه الأمثلة في مؤسسات حكومية وقطاعات أخرى.