« أرقام ومؤشرات »، يجب ألاّ تمرّ مرور الكرام عوني الداوود

تسجيل قياسي للشركات في الأردن خلال أول 9 أشهر من 2025 وبزيادة 20 % مقارنة بعام 2024 ».. خبر يجب أن نتوقف عنده مليّا وألاّ يمرّ - بما احتواه من أرقام ومؤشرات - مرور الكرام، وذلك لعدّة أسباب، منها:
1 - أنّ هذا الرقم هو الأعلى منذ أكثر من (5) سنوات، وحين نقول (5) سنوات، فعلينا أن نتذكر الضغوطات والتحديات الجيوسياسية التي كانت ولا زالت تحيط بنا، بدءًا من جائحة كورونا (2020 - 2021)، مرورًا بالحرب الروسية - الأوكرانية (2022.. ولا زالت مستمرة) ثم العدوان على غزّة (منذ 7 أكتوبر 2023.. ولا زالت مستمرة)، وكل هذه الأحداث، وما تبعها من ضغوطات على الاقتصاد الأردني، من زيادة كلف الشحن بسبب تعطل سلاسل التوريد، أو أحداث «باب المندب»، أو الحرب «الإسرائيلية - الإيرانية».. وغيرها.. كل هذه الأحداث وغيرها على مدى السنوات الخمس الأخيرة لم تُحبط النظرة التفاؤلية للاقتصاد الوطني.. هذا التفاؤل انعكس على هذا الحجم من الشركات الجديدة منذ بداية العام الحالي.
2 - عدد الشركات الجديدة المسجّلة منذ بداية العام وخلال الشهور الـ(9) الأولى بلغ نحو (5636 شركة)، وهو يمثل زيادة بنسبة (48 %) مقارنة بعام 2019 (3798 شركة)، وزيادة بنسبة (20 %) مقارنة بعام 2024 (4715 شركة).
3 - مجموع رؤوس الأموال المسجّلة بلغ نحو (323) مليون دينار، وأعلى أنواع الشركات تسجيلًا من حيث العدد في العام 2025، هي الشركات «ذات المسؤولية المحدودة»، وبلغ عددها (4078) شركة، وبنسبة (72.4 %) من الشركات المسجّلة، وبرؤوس أموال مسجّلة تزيد على (104) ملايين دينار.
4 - أعلى أنواع الشركات تسجيلًا من حيث رأس المال في العام الحالي 2025، كان «المساهمة الخاصة»، وبرؤوس أموال مسجّلة تزيد على (156) مليون دينار.
5 - تزايد أعداد الشركات المسجّلة، والارتفاع في رؤوس الأموال، قابله انخفاض في أعداد الشركات التي تم فسخ أو شطب تسجيلها بنسبة (75 %) عن العام 2019، وانخفاضها بنسبة (33 %) عن العام 2024، وهذه مؤشرات تردّ على من يشيعون بين حين وآخر - دون بيّنة - خروج رؤوس أموال، وتراجع الاستثمارات، لتؤكد الأرقام بأنّ طبيعة الأسواق دائمًا تشير إلى أنّ هناك من يخرج من السوق لأسباب متعددة - تعود إليه في أغلب الأحوال - لكنّ الأهمّ أنّ أعداد الداخلين الجدد إلى السوق تفوق كثيرًا أعداد الخارجين.
6 - حتى ما يتعلق برؤوس الأموال، فقد ارتفع معدّل «محصلة زيادة رؤوس الأموال» بنسبة (1120 %) عن العام 2019، وبنسبة (148 %) عن العام 2024.
7 - بمقارنة أعداد الشركات التي خفّضت رأس مالها، وتلك التي رفعت رأس مالها، نجد أنّ عدد الشركات التي خفّضت رأس مالها عام 2019 بلغ (343) شركة، مقابل (203) شركات عام 2025، وعدد الشركات التي رفعت رأس مالها عام 2019 (494) شركة، مقابل (1300) شركة رفعت رأس مالها عام 2025.
*باختصار: ما الذي تعنيه كل تلك الأرقام والمؤشرات؟؟
أ)- زيادة أعداد الشركات وارتفاع رؤوس الأموال، وتراجع أعداد الشركات التي خفّضت رؤوس أموالها، وتراجع أعداد الشركات التي شُطبت أو فُسخ تسجيلها، ما هو إلاّ تأكيد على «روح التفاؤل» لدى المستثمرين، والثقة بالاقتصاد الوطني، وأنّ الأردن بيئة جاذبة، وأنّ كلّ الظروف الجيوسياسية لم تثنِ المستثمرين عن مشاريعهم ولم تزعزع التحديات الإقليمية ثقتهم بصمود وقوة ومتانة الاقتصاد الأردني.
ب)- زيادة الشركات تعني بالضرورة زيادة خلق فرص عمل جديدة والمساهمة برفع معدلات النمو.
ج)- ما كان لهذه الأعداد أن تزيد، لولا قدرة دائرة مراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة على تجاوز البيروقراطية، والحرص على أن يتم تسجيل الشركة (أي شركة) في أقلّ من ساعة، كما ساهم تبسيط إجراءات التسجيل للشركات في أن يصل عدد الحسابات الإلكترونية المفعّلة اليوم للشركات إلى (84.148) حسابًا إلكترونيًا مفعّلًا، كما بلغ إجمالي المدفوعات الإلكترونية نحو (13 مليون دينار)، وتمت معالجة (316.243) طلب متابعة (تعديل إلكتروني)، إضافة إلى طلبات إصدار شهادات بنحو (80.174 شهادة).
د)- التسهيلات الإدارية والاستثمارية المقدمة اليوم في مراقبة الشركات تمثّل «قصة نجاح»، وأنموذج تطبيق عملي ناجح لرؤية التحديث الاقتصادي وخارطة طريق التحديث الإداري، فالتغلب على البيروقراطية يساعد كثيرًا على الإنجاز الاقتصادي متمثلًا - في مراقبة الشركات - بزيادة عدد الشركات المسجّلة، مما يعني: استثمارات جديدة تساهم برفع معدلات النمو، وتخلق فرص عمل جديدة.