القطاع الزراعي يقود النمو رغم التحديات. ابراهيم عبد المجيد القيسيي

أمس الأول، الثلاثاء، نشرت وكالة الأنباء الرسمية (بترا) تقريرا اقتصاديا حول نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 2.8% للربع الثاني من هذا العام، أي خلال الأشهر (4,5,6) من العام الحالي 2025، بزيادة بلغت 17% عن النمو في الفترة نفسها من العام الماضي، حيث كانت 2.4%، وقد نشرت بترا هذا التقرير استنادا لتقديرات وتقارير وأرقام دائرة الإحصاءات العامة، وبين التقرير أن أعلى نمو في القطاعات المؤثرة بالناتج المحلي الإجمالي، كان النمو الذي تحقق في قطاع الزراعة، ثم قطاع الصناعات التحويلية، حيث بلغت نسبة النمو في قطاع الزراعة خلال الربع المذكور (8.6% ).. وهذا يؤكد ما قلناه عن أداء القطاع الزراعي في السنوات الثلاث الأخيرة، أعني بعد الالتزام بالخطة الوطنية للزراعة المستدامة، التي نفذتها وزارة الزراعة بنسبة نجاح 100%، أي انها نفذتها كلها، فهذا القطاع هو الذي يقود نمو الناتج المحلي الإجمالي، وذلك رغم التحديات والأحداث الكثيرة التي تعصف بالمنطقة، وتؤثر على كل القطاعات فيها تأثيرا سلبيا، ينعكس على أدائها وأرقامها.
التحدي الأكبر أمام الدولة ما زال ماثلا، والفرصة التي وفرها القطاع ما زالت موجودة، والسؤال المهم متعلق بالحكومة، وبالمؤسسات: فهل ستحافظ على هذا التفوق، وهل سيستمر قطاع الزراعة في تحقيق أرقام ونسب عالية في النمو، ويحافظ على تفوقه وتقدمه على القطاعات الأخرى؟.. نتمنى ذلك بالطبع، ولكن النتائج لا تأتي بالتمنيات.
قلنا وما زلنا نقول، إن الخطة البسيطة الواضحة التي تضعها المؤسسة، وتكون مستندة إلى الواقعية، ومعتمدة على تنفيذ مشاريع محددة سلفا، من حيث الموازنات المتوفرة وليست المطلوبة، فالخطة التي تتضمن تنفيذ مشروع يجب أولا ان توفر مالا لهذا المشروع، ثم تطرحه ضمن خطتها، وتضع فترة زمنية محددة للتنفيذ، وتتعامل بشفافية مع الجمهور والمؤسسات الرقابية، وتقدم نتائجها بشكل مستمر، هي الخطة المطلوبة، وهذه سمات الخطة التي نفذتها وزارة الزراعة خلال الأعوام الثلاثة التي سبقت العام 2025، وقد قلنا عنها كثيرا في هذه الزاوية، وثمة (مجلد) كبير عن الإنجازات التي حققتها هذه الخطة، على أكثر من صعيد، وجرى تحول كبير بالتشريعات المتعلقة بالاستثمار، وأصبح القطاع الزراعي الأردني، مرنا، مشجعا للاستثمار، ويتميز اليوم بأذرع استثمارية وتجارية وتصنيعية...الخ، وحصلنا أيضا على فرص نادرة، في مجال التشغيل للايدي العاملة والمهنية، واتساع مساحات الأمن الغذائي وصناعاته ولوجستياته، وإنني أعتبر أن أهم التغييرات والتحديثات هي التي طالت الثقافة المحلية المتعلقة بالقطاع الزراعي، ودينامياته، وإدارتها.
حققت وزارة الزراعة نقلة نوعية في التحديث والتطوير وتعاملت الحكومة مع تشريعات جديدة وعدلت على قديمة، في كثير من مجالات القطاع الزراعي، لتحسين أدائه وتطوير بنيته التحتية، حيث ركزت الخطة الوطنية لزراعة مستدامة على البنية التحدية، وطورتها، وعلى الحكومة ان تحافظ على هذا الإنجاز، وتستمر على النهج نفسه، فالتراجع لا قدر الله سيكون تراجعا وسقوطا مدويا للقطاع، ونكوصا عن الاستمرار في تحقيق النمو وتوسعته.