2025-08-02     عدد زوار الموقع: 6019343

مزيد من الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا يعني؟

للتذكير فقط، فإنّ ما كانت تُسمّى بـ»صفقة القرن» خلال الفترة الأولى من رئاسة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب (2017-2021)، كانت تعني باختصار إنهاء الآمال بقيام دولة فلسطينية، واقتصار السلام على صفقة اقتصادية، وفي أفضل الأحوال اعتماد ما يُسمّى «بالسلام الاقتصادي».
ومنذ 7 أكتوبر 2023، وهناك حروب دائرة بالسرّ والعلن، منها حرب الإبادة التي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 61 ألف شهيد، وأكثر من 152 ألف جريح - عدا عشرات الآلاف ممن قضوا تحت الأنقاض -.
«حرب غزة» سبق وأن ذكرتُ في أكثر من مقال، بأنها أكثر من حرب، فهي بالإضافة إلى الحرب العسكرية، حرب ديموغرافية، وحرب استخباراتية، وحرب إعلامية، وحرب سياسية دبلوماسية شرسة، لا تقلّ ضراوة عن الحرب العسكرية، لأن نتنياهو أعلنها منذ اليوم الأول «حربًا وجودية».
إسرائيل، بحكومتها الأكثر تطرفًا بقيادة نتنياهو المطلوب للعدالة نتيجة قضايا فساد ستنهي حياته السياسية، أراد أن يُوظّف 7 أكتوبر ذريعة لإنهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد، بكل الذرائع التي ساقها وسردها وضلّل بها المجتمع الدولي منذ بدء العدوان على غزة، ومنذ سردية قطع رؤوس الأطفال والاعتداء على النساء، وغيرها من السرديات التي سرعان ما كان ينكشف زيفها.. مرورًا بسرديات تخزين الأسلحة تحت المستشفيات كذريعة لتدميرها.. وليس انتهاءً بقصف مدارس ومقرّات «الأونروا»، واتهامها بالشراكة في أحداث 7 أكتوبر، لإنهاء هذه الوكالة التي تُشكّل رمزًا من رموز حقّ اللاجئين بالعودة والتعويض، ونتنياهو وحكومته لا يؤمنون لا بالعودة ولا بأيّ حقّ للفلسطينيين، ولا بالسلام من أساسه.
لذلك فإن 7 أكتوبر هي حرب وجودية بالفعل، فمن وجهة نظر نتنياهو يريدها دولة يهودية لا مكان فيها لفلسطينيّ.. ولذلك سعى منذ اللحظة الأولى إلى الضغط من أجل إنفاذ سياساته ومخططاته بتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة.. وهي في المقابل حرب وجودية أيضًا بالنسبة للفلسطينيين، من حيث «تكون فلسطين أو لا تكون».
اليوم.. وبعد نحو عامين على حرب غزة، نسأل عن نتيجة الحرب السياسية: هل نجح نتنياهو وحكومته في القضاء على القضية الفلسطينية؟ أم نجحت دماء الأطفال والنساء والشهداء الزكية التي جُبلت بثرى غزة الطاهر بالضغط على العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية وحقّ الشعب الفلسطيني بالعيش حرًّا كريمًا؟
الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، ومنذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، أدرك خطورة الحرب وما وراء الحرب، فكان الموقف ثابتًا وواضحًا وقويًّا بلاءات شكّلت حائط صدّ منيع في مواجهة الأطماع الإسرائيلية التوسعية في فلسطين والإقليم.. وهذا جانب مما حقّقه الأردن على مدى نحو سنتين من بدء العدوان على غزة:
1 - الأردن منع كل مخططات التهجير، وشكّل موقفًا صلبًا مع الشقيقة الكبرى مصر بمنع تهجير الغزيين إلى مصر، ومنع تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن.
2 - الأردن وقف ولا زال، وبالتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة، محذّرًا من مغبّة القضاء على «الأونروا» لأنها ليست مجرد وكالة لغوث اللاجئين، بل هي رمز وشاهد على حقّ اللاجئين في العودة إلى أرضهم المغتصبة من قبل إسرائيل.
3 - جهود الأردن عبر كافة المحافل الدولية ساهمت بصورة أو بأخرى باعتراف نحو (147) دولة من أصل (193) دولة عضو في الأمم المتحدة.
4 - الأردن نجح، وبالتنسيق مع الدول العربية الشقيقة، باتخاذ موقف واضح وصريح بضرورة قيام دولة فلسطينية قبل الحديث عن أي تقارب بين دول الإقليم.
5 - لقاءات واتصالات وجهود جلالة الملك الدبلوماسية والسياسية والإعلامية ولقاءاته المتواصلة مع قادة دول العالم غيّرت من مواقف كثير من الدول.. وها هي فرنسا وبريطانيا وكندا والبرتغال وغيرها من الدول تتجه نحو الاعتراف بدولة فلسطينية في أيلول المقبل.
6 - الأردن يخوض هذا التحدي في مواجهة المخططات الإسرائيلية، لأن اعتراف العالم بدولة فلسطينية يعني إحباط وإفشال مخططات حكومة إسرائيل المتطرفة بالتهجير وبالوطن البديل وبالاستيلاء على المقدسات الإسلامية منها والمسيحية.
7 - قيام دولة فلسطينية يعني حقوق الفلسطينيين، وفي مقدمتها حقّ العودة للاجئين.
8- الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعني القبول بحلّ الدولتين، ويعني حقوقًا قانونية عديدة.
*باختصار: تزايد أعداد الدول التي تنوي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، يُشكّل صفعة في وجه إسرائيل ونتنياهو.. وتَعني أن دماء الغزيين والفلسطينيين الطاهرة في غزة وعموم فلسطين لم تذهب سدى، كما لم تذهب سدى من قبل دماء الشهداء الجزائريين - بلد المليون شهيد - في سبيل تحرير واستقلال دولتهم.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعني أن الأردن، بقيادة جلالة الملك وحكمته وحنكته وعلاقاته المحترمة والمقدّرة من قبل قادة العالم، قد نجح بتغيير مواقف كانت لا تستمع إلاّ للسردية الإسرائيلية، لكنها اليوم باتت أكثر اقتناعًا بسردية الأردن الصادقة، المؤمنة بأن لا سلام في المنطقة والعالم إذا لم تكن هناك دولة فلسطينية، وإذا لم ينل الشعب الفلسطيني كامل حقوقه على أرضه.



شارك الخبر
استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

19914 المؤيدين

19661 المعارضين

19595 المحايدين

محايد لا نعم