«قمة بغداد».. بين ما هو مطلوب وما هو ممكن؟! عوني الداوود

تنطلق في العاصمة العراقية اليوم السبت «قمة بغداد» أو الدورة الـ34 للقمة العربية، بل هي 3 قمم كما أعلن ذلك نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وهذه القمم الثلاث هي:
1 - القمة العربية الرابعة والثلاثين.
2 - القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة.
3 - قمة ثلاثية على مستوى القادة تجمع الأردن والعراق ومصر.
قمة بغداد اليوم تأتي بعد متغيرات متسارعة على الساحة العربية، في مقدّمتها:
1 - استمرار حرب الإبادة المستعرة لإسرائيل على غزّة والضفة الغربية، وتطال اليوم سوريا ولبنان واليمن.
2 - المتغيرات على الساحة السورية والمستجدات الأخيرة، خصوصًا بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا.
3 - المتغيرات على الساحة اللبنانية.
4 - استمرار النزاعات في اليمن والسودان والصومال وليبيا.
5 - الملف النووي الإيراني.
6 - .. والجديد جدًّا في هذه القمة نتائج زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية وقطر والإمارات.
7 - إضافة إلى مبادرات عراقية ستناقشها القمة، وتشتمل على: (تأسيس مراكز عربية في مجال: مكافحة الإرهاب - والمخدرات - والجريمة الوطنية - وغرفة للتنسيق الأمني - وصندوق للتعاون لإعادة الإعمار).
من المتوقّع جدًّا - كما هو الحال في جميع القمم العربية - أن تتصدّر القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها المشهد السياسي، وأن تحظى بالكثير من التوصيات والدعوات لوقف الحرب وإيصال المساعدات .. والدعوة للاستقرار وإنهاء النزاعات أينما وُجدت في الوطن العربي .. إلى آخر تلك التوصيات المتكررة.. لكننا اليوم نسأل ونتساءل عن مدى قدرة الدول العربية على تحويل تلك التوصيات إلى قرارات يمكن تنفيذها على أرض الواقع؟.. وبمعنى آخر: القدرة على تحويل ما هو مطلوب إلى ما هو ممكن، وقابل للتنفيذ على الأرض، فلم يعد يكفي أن تتواصل دعوات وقف إطلاق النار في غزة دون أن تُمارَس ضغوط حقيقية على إسرائيل من أجل إيقاف المذبحة - وأنا هنا لا أعني الدول العربية فحسب، بل المجتمع الدولي الذي يقف عاجزًا أمام الغطرسة الإسرائيلية التي لا تُلقي بالًا لدعوات العالم، ولا للقانون الدولي، ولا للمعاهدات، ولا للمواثيق.. إلخ.
لذلك فالمطلوب اليوم من القمة العربية أكثر من مجرد توصيات، بل ممارسة ضغوط أكبر بالتنسيق مع المجتمع الدولي والقوى العظمى للضغط على إسرائيل من أجل وقف فوري للحرب على غزة، والإبقاء على ما تبقّى من مقومات الحياة في القطاع، ووقف الاعتداءات على الضفة الغربية، وعدم تمكين إسرائيل من الاستمرار بتوسيع رقعة الحرب في المنطقة، وتحديدًا على سوريا ولبنان واليمن.
اقتصاديًّا.. وفي ظل انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة.. فهناك فرصة كبيرة لعمل اقتصادي تنموي عربي مشترك، وبالإمكان أفضل ممّا هو كائن اليوم، من حجم التبادل التجاري العربي المشترك الذي يُعدّ متواضعًا قياسًا بحجم التبادلات التجارية الثنائية مع دول الاتحاد الأوروبي والصين والولايات المتحدة.. فالإقليم مقبل على مشاريع تنموية كبرى عابرة للقارات، ومشاريع إعادة إعمار ضخمة يمكن للدول العربية أن يكون لها دور اقتصادي استثماري مهم يعود بالنفع العميم على دول المنطقة وشعوبها.
أمّا فيما يتعلّق بالقمة الثلاثية بين الأردن والعراق ومصر، فالأمور أكثر وضوحًا وسهولة، وقد قطعت خطط وبرامج «التكامل الاقتصادي المشترك» بين الدول الثلاث أشواطًا مهمة، لكنها بحاجة إلى إعادة رسم الأولويات، وتنفيذ المشاريع المتّفق عليها، خصوصًا المتعلقة بالطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر وتكنولوجيا المعلومات والأمن الغذائي والصناعات العربية، ومشاريع النقل الكبرى في الإقليم، وغيرها من المشاريع.
*باختصار: من الرسائل المهمّة التي ترسلها «قمة بغداد» اليوم: عودة العراق لممارسة دوره العربي والإقليمي، وتمسّك العرب بالحلول العربية - العربية، وبالثوابت، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية ورفض كل مخططات ومؤامرات التهجير.