حمّلوها على أكتاف الحكومات العربية

حين يقول قائل بأن على حماس اللجوء للحكومات العربية، وتحميلها مسؤولية التفاوض لوقف الإبادة والتهجير، فالقول في مكانه، ولا أزعم بأن الحكومات العربية قوية، تملك كامل أوراق التفاوض، ويمكنها ان تعلن حربا ضد امريكا وأوروبا وجيش الاحتلال المجرم، بل أقول بأنها حكومات ستصبح أمام جماهيرها وشعوبها، مخلصة لشعوبها، وقضاياها، فليس صحيحا ولا مقبولا ان تكتفي دولنا العربية بجهود «وساطات»، ويترك أمر القضية الفلسطينية العربية بيد فصيل مقاوم، مهما كانت قوته وإخلاصه لقضيته، فالذي يباد تحت سمع وبصر العالم هو شعب عربي فلسطيني بريء أعزل، صاحب قضية مقدسة، وله حقوق كثيرة كبيرة، يصادرها مجرمون، والعالم صامت.
الخطاب السياسي الذي تصنفه المقاومة بأنه خطاب تآمري ضدها، يقوده ويروج له عملاء صهاينة، قد يكون خطابا صحيحا، او ذرائعيا مبررا، وسببه استئثار حماس والمقاومة عموما بقرار الحرب، وعدم فسح المجال للعرب أن يتحملوا المسؤولية، لهذا تكتفي بعض الحكومات العربية بالوساطة المحايدة، بينما المطلوب سياسيا هو تحملها مسؤولياتها تجاه شعوبها، الرافضة لسلب حقوق الشعب العربي الفلسطيني، ولكل أشكال الإبادة للفسطينيين، وهذا ليس رأيا انبطاحيا ولا استسلاميا، بل هو رأي موضوعي، منطقي، قد يفوت الفرصة على المجرمين بان تخلو لهم الساحة، ليفعلوا ما شاؤوا، مستغلين هذا «الانفصام» والفوضى في القرار العربي.فلسطين مسؤولية الجميع، وليست فقط مسؤولية فصيل او دولة عربية، وفي حين تقوم الأردن بهذا الدور منذ نشوئها، وهو دور الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وعلى حساب قضاياها المحلية والقُطرية والإقليمية والدولية، فهناك دول بل قل حكومات عربية، وجدت في الانقسامات الفلسطينية واستئثار جهات فلسطينية بالقرار، وجدت فيها ذريعة، تخفف عن كاهلها عبء المسؤولية التاريخية والأخلاقية أمام شعوبها، علما أن بعض الشعوب العربية «المسالمة»، أصبحت اليوم تدفع فاتورة صمتها، وها هي دولتها وأراضيها تتعرض للاحتلال والمصادرة من قبل إسرائيل، علما أنها لم تفعل فعلا مقاوما ضد الاحتلال الإسرائيلي لأرضها، ولفلسطين، لكنها تتعرض لاحتلال اسرائيلي يتمدد على حساب أرضها، وهذه هي قناعة كل مواطن عربي اليوم، فجميع العرب وأراضيهم، مستهدفة..
نقول هذا، لأننا عرب، ولسنا إيرانيين، ولا غيرهم، فعملية الإبادة الجارية منذ حوالي عامين، تقوم بها الأطراف المجرمة، لأن حماس وحدها في الطرف الآخر، معزولة، وهذه ظروف مثالية لمجرم انتهازي يتطلع لإبادة العرب افرادا وجماعات، للسيطرة على مواردهم وأراضيهم، فيجب ان تبادر حماس لتغيير قواعد لعبة الموت، وتحمل المسؤولية للعرب، حتى لو تكن مقتنعة بقدرتهم على تحقيق المراد في هذه المرحلة.
حين دخلت حماس هذه المعركة وقبل هذا، وربما حتى اللحظة، تتحدث عن محور مقاومة، خدعها، حين ساندها اياما معدودة من جبهة الشمال، لكنه تلاشى، واختفى، وما زالت له حساباته (التقيوية)، التي يحاول من خلالها تدارك خسائره، وتقديم فلسطين وأهلها حطبا لنيران الجحيم الأمريكي الاوروبي الصهيوني.. فهل هذا موقف منطقي وموضوعي، ويحفظ حقوق العرب والفلسطينيين، أم هو تبرع فلسطيني عربي سخي مجاني، لحماية إيران وغيرها من مواجهة اقتراضية، كانت حتمية، لو صدقت إيران في «مقاومتها» لمحور الشر !!.. من صالح إيران ان تبقى النار مشتعلة خارج أراضيها، وحماس تقدم لها كل التسهيلات لتبقى بعيدة عن المواجهة.
هذا ليس وقت المحاكمات وتصفية الحسابات، والإجابة عن سؤال وحسابات السابع من اكتوبر، وأخشى ان لا يبقى أحدا يحاسب أو يتحاسب بهذا الشأن، حين يتمترس محور المقاومة خلف أكذوبة أنه محور، وأن له قرارا مركزيا محسوبا.. هو باختصار محور يحمي إيران من مواجهة، وعلينا أن نتوقف عن تقديم اوطاننا وقضايانا لتكون مجرد أوراق تفاوضية، بيد أطراف متصارعة او متآمرة على موارد العرب وأراضيهم.
يكفي بطولات وحماقات.. ولو اتهم أحدهم حماس وغيرها بأنها تضعف العرب كلهم، وتقدم ظروفا مثالية لسحق ومحق اراضي ومقدرات العرب، فهو رأي سياسي وجيه له ما يبرره، ويستحق التفكير والنظر، فالتطرف والاستئثار بالقرار، أدوات غبية في مواجهة سياسية بهذه الأهمية والمكر والإجرام.
كفاكم عنادا، فعنادكم يقدم كل التسهيلات للعدو والمتآمر والمتخاذل، ولن يتم كشف هؤلاء أمام شعوبهم، ما دمتم «تناطحون» بقرون من طين.