خطوة باتجاه أردنة المقاومة الفلسطينية وملحقاتها!!
أصبحنا لا نستطيع التحدث عن بلدنا ووطننا كما يتحدث المصري والعراقي والسعودي والسوري وأي عربي، فنحن يلزمنا «مقدمات» أن نبتدىء بالتعبير عن حبنا لفلسطين، واستعدادنا التضحية بكل شيء من أجلها، وأننا لسنا ضدها، ثم نتحدث ما تيسر عن وطننا وقضاياه بما توفر من مساحة لحديث، كنا قد استنفدناه فعلا دون ان ندخل لحديث الدفاع عن وطننا وعن قضاياه، وهكذا نفعل وفعلنا حين كنا نتحدث عن مشاكلنا القادمة عبر حدودنا مع سوريا، وقبلها عند حديثنا عن مواقف وازمات يتم افتعالها وإشعالها ضدنا من بلدان عربية أخرى.
لماذا لا نقولها بوضوح حول عدم موافقتنا ولا تعايشنا مع موضوع التهجير الفلسطيني الجديد للأردن، الذي يحتل أولى الأولويات اليوم لدى أمريكا وإسرائيل، وعملائهم المنبثين بيننا وفي كل العالم؟!
منذ بداية قصة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، تصدّر الأردن الجزء الأكبر من هذه المواجهة، وبصعوبة بالغة، ومكلفة، بالكاد استطاع الأردن تهذيب الحديث السياسي والمشاعر والعواطف، ليكون للقانون والسياسة من مكان في التعامل مع القضية الفلسطينية، وثمة أخطاء كثيرة، بنيوية في الأردن، تجعل من استقرار التفكير الموضوعي في اذهاننا وخطابنا، صعبا، وموضوع التهجير الفلسطيني الجديد، يعبر عن هذا الضعف في الحس الوطني لدى الأردني، معتقدا بأنه يخون نفسه وفلسطين وتاريخ الأردن، إن هو ناقش هذا الموضوع من باب المصلحة الوطنية العليا، بينما العكس تماما هو الصحيح جدا، فدفاعنا عن وطننا هو دفاع عن فلسطين وقضيتها، حتى لو غضب الغاضبون او المتربصون بالأردن.
من الآخر: هل يقنعني أحد بأن قضية فلسطين ستنتهي، ويرضى ويلتزم الشعب الفلسطيني، والعصابة الصهيونية، لو قمنا بتهجير كل الفلسطينيين إلى الأردن؟ هل سيتوقف الفلسطينيون عن نضالهم لتحرير بلدهم؟ وهل ستتوقف اسرائيل عن هواجسها الأمنية، التي كانت وما زالت تحتاج مبررات تتمثل بنقل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى الأردن؟!.
رغم كل الالتزام الأردني بالقانون الدولي، ورغم انخراطه في معاهدة سلام، بعد حروب ودماء أردنية، إلا أن دعوات الشعب الصهيوني تتزايد يوما بعد يوم بالعداء للأردن، وجهودهم مستمرة ولم تتوقف لزعزعة أمن واستقرار الأردن، وإبقائه معلقا بين سندان الأزمات الناجمة عن القضية الفلسطينية وصراعاتها، ومطرقة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتداعيات الصراعات الدولية في المناطق المحيطة بالأردن.
أردنة الصراع الفلسطيني هو مطلب اسرائيلي وفلسطيني أيضا، حيث لا ننسى بأن فتح جبهات ضد إسرائيل من الأردن بحكم موقعه وتكوينه الديمغرافي، هو هدف فلسطيني، وحدث الف مرة أن صرحت بل عملت فصائل فلسطينية من الأرض الأردنية، وكلما قامت اسرائيل بحرب ضد الفلسطينيين، تكاثرت الدعوات بفتح الحدود الأردنية، والتغريب للقتال او النضال أو الجهاد أو الحرب باستخدام الجيش نفسه.. هذه حقائق، ولست أعلم كيف يريد بعضنا ويريد الأمريكان تهجير الفلسطينيين للأردن، ليعيش الجميع (اردنيون وفلسطينيون واسرائيليون) بأمان؟!.
توطين الفلسطينيين في الأردن، يعني ذوبان الأردن، وتحولها إلى هدف صهيوني جديد.