2025-01-07     عدد زوار الموقع: 5265281

الأردن وسورية.. هل يتشكل عهد جديد في العلاقة؟ مكرم الطراونة

يعمد الأردن وسورية إلى إعادة رسم العلاقات البينية بما تتطلبه المرحلة الراهنة، خصوصا أن تلك العلاقات، وتاريخيا، لم تستتب على وجه، إذ مرت بفترات مدّ وجزر، حتى قبل انطلاق الثورة السورية، فقد تعاملت سورية (التقدمية) بتعالٍ كبيرٍ مع الأردن (الرجعي) بحسب تصنيفات دول العسكر التي صعدت أنظمتُها إلى الحكم فوق دبابات أول ما داسته الشعوب وأحلامها.

الأردن، ومن المنطلق العروبي، ينظر اليوم إلى تشكل فرصة تاريخية لإعادة موضعة العلاقة مع دمشق على أسس الاحترام والتعاون والمصلحة الثنائية، فالحدود الطويلة بين البلدين، والملفات البينية المتشابكة، تفرض هذا التعاون، خصوصا مع ما هو موجود من تحديات مفروضة على البلدين وفي الإقليم.

من هذا الفهم؛ أردنيًا وسوريًا، يأتي الاتفاق على تنظيم زيارة للمملكة لوفد وزاري قطاعي وعسكري وأمني سوري، تلبية للدعوة الرسمية من نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي لبحث آليات التعاون في مجالات الحدود والأمن والطاقة والنقل والمياه والتجارة.

طبيعة الوفد هي الأكثر شمولية وتنوعا سياسيا وأمنيا واقتصاديا منذ سنوات طويلة، ما بعطي بُعدا مهمًا للزيارة ورسالةً واضحة لأهمية الأردن بالنسبة لسورية في المرحلة المقبلة.

طبيعة الوفد تكشف الأولويات التي يضعها البلدان في الاعتبار للتعاون الثنائي، ولا يخفى أن الحكم السوري الجديد يحتاج إلى دعم غير محدود، خصوصا في ما يتصل بفرض الأمن والاستقرار داخل سورية وعلى الحدود، فحتى اليوم ما تزال فوضى السلاح تشكل تحديا حقيقيا للدولة الناشئة، كما أن فلول النظام السابق ومن يتفقون معهم في عدم استتباب الاستقرار، يفرضون حالة من عدم اليقين، والتي ينبغي لها أن لا تستمر طويلا، وأن تسارع الحكومة إلى حسم هذا الملف مهما احتاج إلى حزم.

المرحلة الانتقالية في الجارة الشمالية تحتاج تعاونا مفتوحا، ليس من الأردن فحسب، بل ومن جميع الدول العربية، ولعل ذلك ما حدا بالصفدي إلى التأكيد على موقف الأردن الكامل بإسناد الشعب في عملية إعادة بناء وطنه، ودعم استقرار وأمن سورية ووحدتها وسيادتها، وتخليصها من الإرهاب.

لعل الملف الأهم الذي يمكن للأردن أن يساعد فيه الأشقاء هو الدبلوماسية، خصوصا مع التأثير الأردني الكبير في العالم الغربي، وقدرته على حمل رسائل سورية عديدة بهذا الاتجاه. إن الدبلوماسية الأردنية بنت سمعة عالمية واسعة بوصفها دبلوماسية واقعية استطاعت دائما أن تشخّص الأمور والتحديات، وأن تضع تصورات منطقية للحلول. لذلك، فقد بنت مصداقية عالية، وهو ما يحتاجه السوريون اليوم لإيصال صوتهم ورسائلهم إلى العالم الذي ما يزال متشككا في نوايا الحكم الجديد.

قد لا تكون الملفات الاقتصادية المباشرة أولويات اليوم في خطط البلدين، فهي لن تكون ذات جدوى إن أخفق الحكم الجديد في فرض الاستقرار فوق الجغرافيا السورية، ولكن مجالات الطاقة والنقل والمياه، هي من الأساسيات التي تعتبر من مفردات الأمن القومي، والتي لا يستغني عنها أي بلد، خصوصا أن سورية تعاني اليوم من فقر شديد في مجال الطاقة، وهو الملف الذي يستطيع الأردن أن يقدم فيه الكثير، إذا ما توصلنا إلى ترقية الشبكة السورية وتوصيل الكهرباء الأردنية إليها.

الملف المائي يعده الأردن أولوية كبرى، فقد راوغ نظام الأسد وعلى مدى سنوات بمنح الأردن حقوقه المائية من حوض نهر اليرموك وسدّ الوحدة، والتي تأتت بموجب “الاتفاقية العربية المشتركة”، وتبلغ حصة الأردن فيها 200 مليون متر مكعب سنويا. هذا الملف ينبغي أن ينتهي باتفاق يعيد للأردن حقوقه، بحيث لا تظل الحاجة إلى المياه سلاحا في يد الكيان الصهيوني.

زيارة الوفد السوري المرتقبة تشكل خطوة أساسية لتدشين عهد جديد من التعاون بين البلدين، خصوصا أن الاردن يرنو إلى سورية مستقرة لا تشكل عبئا إضافيا على حدوده، ولسورية مصلحة مع الأردن في خبراته بمجال مكافحة الإرهاب، والإسهام في بناء جيش وطني سوري يتخلى عن الأيديولوجيا والطائفية لمصلحة منظور وطني موحَّد.

الغد



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

7264 المؤيدين

6771 المعارضين

6846 المحايدين

محايد لا نعم