المستعمرة أداة ومشروع إرهابي حمادة فراعنة

ماذا بقي من جرائم بحق الإنسان، بحق البشر، بحق التطاول على سيادة الدول، لم تقترفها المستعمرة الإسرائيلية؟
تحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية: فلسطين ولبنان وسوريا، وتتطاول على سيادتها بالقصف والاغتيال، وعلى بلدان عربية وإسلامية عديدة: اليمن وإيران وقطر، وسابقاً على السودان وتونس والجزائر.
حدودها غير معروفة، وكما يصفون أنفسهم «أينما تصل بساطير الجنود الإسرائيليين هي حدودنا»، حدودهم غير محدودة، هل هي حدود قرار التقسيم عام 1947 بـ 55 بالمئة من مساحة فلسطين؟؟ هل هي حدود الاحتلال والتوسع الأولى عام 1948 بـ 78 بالمئة من خارطة فلسطين؟؟ هل هي حدود احتلال كامل خارطة فلسطين عام 1967؟؟ هل مع حدودها منطقة الجولان السوري أم بدونه؟؟ هل حدودها مع القنيطرة وأراضي محافظة السويداء وتمددها فيه؟؟ هل هي مع ما تمكنت من احتلاله والسيطرة عليه في جنوب لبنان؟؟.
تقتل، تغتال، تقصف، تحتل، لا تنصاع لأي من قرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها ولجانها، مشروع دولة: مارقة، إرهابية، استعمارية، توسعية، كانت محمية من قبل من صنعوها، من الأوروبيين، وهي محمية اليوم من كامل قدرات الولايات المتحدة، ومع ذلك يجب استثمار التحول المتوازن لدى الأوروبيين من موقع ومكانة الانحياز للمستعمرة وشراكتها في التطاول والاعتداء كما حصل في العدوان الثلاثي عام 1956 على مصر، إلى التحول نحو التوازن ما بين المستعمرة والاعتراف بمشروع دولة فلسطين، عام 2025.
مارست المستعمرة كافة جرائم القتل قبل وخلال عام 1948 وما بعده، ولم يكن ذلك مرئياً قبل أن كشفه بعض المؤرخين الإسرائيليين الجدد، ولكنها خلال حربها وعدوانها على قطاع غزة في الفترة ما بين 2023 و2025، انكشفت حقيقتها الهمجية التوسعية الاستعمارية، غير المسبوقة بالوضوح والعلنية، وبحجم الجرائم التي قارفتها ونوعيتها ضد الأطفال والنساء، وكافة المدنيين.
مطلوب جهد فلسطيني، عربي، إسلامي، مسيحي، دولي مُركز لوضع المستعمرة خارج منظومة الشرعية الدولية، مشروع منبوذ، ليس له علاقة لا باليهود، ولا بغير اليهود، استغلوا ما تعرض له اليهود من ظلم واضطهاد في أوروبا، وتحالفوا مع الاستعمار القديم: البريطاني، الفرنسي وغيرهم ليقيموا مشروعهم الاستعماري والامتداد لهم في فلسطين كما فعلوا في أكثر من بلد إفريقي، ولكنهم فشلوا في الجزائر وجنوب إفريقيا متوهمين أن ما فعلوه في الولايات المتحدة عبر المهاجرين الأوروبيين، وتصفية «الهنود الحُمر» يمكن أن يفعلوه وينجحوا في برمجته وتنفيذه في فلسطين، وهم يفعلون ذلك، ويسعون له، وهذا ما يُفسر قتلهم المتعمد للمدنيين، ليس بدوافع الحقد فقط، بل بدوافع سياسية عنصرية ممنهجة تستهدف إقامة مشروعهم الأحادي في فلسطين بدون فلسطينيين.
عظمة أهالي غزة وتضحياتهم وصمودهم وصلابتهم حركت شوارع العالم، وضمائر الشعوب في أوروبا والولايات المتحدة وكندا واستراليا، تحول نوعي لصالح فلسطين، ولذلك على قيادات الشعب الفلسطيني وفصائله وأدواته من المجتمع المدني ومؤسساته استثماره، أولاً بانجاز وحدتهم وإئتلافهم، والتخلص من انقسامهم، ومن مرض «الاستئثار» الذي يسكن لدى سلوك قياداتهم ويسيطر عليهم، وعلى قراراتهم لدى طرفي المعادلة، بدون ذلك، بدون إنهاء الانقسام، بدون بناء وحدة ائتلافية، ستبقى تضحيات الفلسطينيين استنزاف متواصل، بدون أن تصل بهم إلى الحرية والاستقلال والعودة.