اللحظة الاخباري -

بعد انتشار ظاهرة "التمرير الهوسي" على منصات التواصل الاجتماعي، أظهرت دراسة أمريكية حديثة أن الاستخدام المطوّل لهذه المنصات قد يكون مجرد عادة وليس إدمانًا بالمعنى العلمي الدقيق.

وتوصل الباحثون إلى أن الغالبية العظمى من المستخدمين الذين يعتقدون أنهم مدمنون على السوشيال ميديا، لا تظهر عليهم في الواقع الأعراض التقليدية للإدمان، مثل الرغبة الملّحة أو أعراض الانسحاب. ووفقًا للأخصائية النفسية الدكتورة أودري تانغ، فإن التشخيص الحقيقي للإدمان يتطلب أن يعيق السلوك أداء الفرد اليومي. لكنها تشير إلى أننا "اعتدنا سلوكيات مثل فحص الهاتف باستمرار والاستجابة الفورية للإشعارات، حتى لم نعد نراها معيقة".

وللتأكد من هذه الفرضية، أجرى باحثون من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا وجامعة كاليفورنيا الجنوبية دراسة على 380 مستخدمًا لـ"إنستغرام". وكشفت النتائج مفارقة لافتة: 18% من المشاركين اعتقدوا أنهم مدمنون على المنصة، بينما 2% فقط أظهروا أعراض إدمان حقيقية.

وتشير الدراسة إلى أن وسائل الإعلام تلعب دورًا مهمًا في تشكيل هذا التصور؛ فبين عامي 2021 و2024 ظهرت عبارة "إدمان وسائل التواصل الاجتماعي" 4383 مرة في المحتوى الإعلامي، بينما وُصفت هذه الممارسات بأنها "عادة" 50 مرة فقط. ويعتقد الباحثون أن هذا التضخيم الإعلامي يؤثر مباشرة على كيفية إدراك المستخدمين لعلاقتهم بهذه المنصات.

وعندما طُلب من مجموعة أخرى من المستخدمين تأطير استخدامهم لوسائل التواصل على أنه "إدمان"، شعروا بسيطرة أقل على سلوكهم، وازداد لومهم لأنفسهم وللمنصات.

ورغم هذه النتائج، تبقى المشكلة الحقيقية قائمة؛ إذ تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى ارتفاع حاد في الاستخدام الإشكالي لوسائل التواصل بين الشباب في عدة دول.

وفي هذا الإطار، يقدم الدكتور ديفيد هارلي من الجمعية النفسية البريطانية رؤية متوازنة، مؤكدًا أن وصف هذه الممارسات بأنها "عادة" لا يقلل من خطورتها. ويقول: "هذه العادات يتم صقلها وتطويرها عبر التقنيات نفسها، فهي ليست عادات طبيعية، بل عادات مكتسبة صُممت خصيصًا لاستقطاب انتباه المستخدمين".

وتبقى الحقيقة أن التصنيف العلمي—وإن كان مهمًا—لا يلغي حاجة المستخدمين إلى إدراك تأثير هذه المنصات على صحتهم النفسية، وإلى بناء علاقة أكثر وعيًا واتزانًا معها، بغض النظر عن التسمية.