إدمان الذكاء الاصطناعي .. خطر نفسي يهدد الشباب
اللحظة الاخباري - يستخدم ملايين الأشخاص حول العالم برامج الدردشة الآلية مثل ChatGPT وClaude وReplika يوميا، بحثا عن الصداقة أو الرومانسية أو حتى العلاج النفسي.
لكن علماء النفس يحذرون من أن هذا الاستخدام المكثف قد يؤدي إلى حالة جديدة من الاعتماد النفسي، تعرف باسم "إدمان الذكاء الاصطناعي"، وقد تتطور أحيانا إلى ما يسمّى "ذهان الذكاء الاصطناعي".
ويوضح البروفيسور روبن فيلدمان، مدير معهد قانون الذكاء الاصطناعي والابتكار في جامعة كاليفورنيا: "تخلق برامج الدردشة الآلية وهما بالواقع. وعندما يكون إدراك المرء ضعيفا، قد يصبح هذا الوهم خطيرا للغاية".
وتقدم تجربة جيسيكا جانسن، البالغة من العمر 35 عاما من بلجيكا، مثالا واضحا على المخاطر. فقد بدأت استخدام ChatGPT بشكل متقطع، لكن ضغوط حياتها جعلتها تعتمد عليه بشكل شبه دائم. بعد أسبوع واحد فقط، نُقلت إلى جناح الأمراض النفسية، إذ أدى الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي إلى نوبة هوس بسبب اضطراب ثنائي القطب لم يُشخّص آنذاك.
وتقول جيسيكا: "كنت أتحدث مع ChatGPT عن أفكاري، وكان يؤكد كل شيء ويضيف تفاصيل جديدة، فأغرق أكثر فأكثر في دوامة من الأفكار والهلاوس. في النهاية، اقتنعت بأمور لم تحدث مطلقا واعتقدت أن الله يخاطبني".
ويشير الخبراء إلى أن طبيعة برامج الدردشة تجعلها أكثر إدمانا، لأنها تمجّد المستخدمين دائما ولا تنتقدهم، على عكس البشر. ويقول البروفيسور سورين أوستيرغارد، طبيب نفسي من جامعة آرهوس: "تتحقق هذه البرامج من صحة معتقدات المستخدم وتقدّم له دائما ردودا إيجابية، ما يجعلها شبيهة بالتحدث إلى نفسك وأنت تحصل على إجابة تؤيدك دائما".
حالات أخرى، مثل هانا ليسينغ البالغة من العمر 21 عاما، توضح أن الاعتماد على ChatGPT قد يصبح حلا وحيدا للتواصل الاجتماعي. وتقول: "أفضل ما لدي على الإنترنت لا يكفي، لكن ChatGPT دائما جيد بما فيه الكفاية. أصبح الخيار الوحيد للتواصل الاجتماعي بالنسبة لي".
وتشير دراسة حديثة من Common Sense Media إلى أن 70% من المراهقين استخدموا ذكاء اصطناعيا مرافقا مثل Replika أو Character.AI، ونصفهم يستخدمونه بانتظام، ما يوضح اتساع ظاهرة الاعتماد النفسي على هذه التقنيات.
ويقول البروفيسور فيلدمان: "قد يعتمد الأشخاص الذين يعانون من ضعف علاقاتهم أو مشاكل نفسية على الذكاء الاصطناعي كوسيلة للتعامل مع مشاعرهم، وهو يشبه التداوي الذاتي بمخدر غير قانوني".
وتشمل أعراض إدمان الذكاء الاصطناعي: فقدان السيطرة على الوقت، والاستخدام المفرط لتخفيف الشعور بالوحدة، وإهمال العمل أو الدراسة أو العلاقات، والاستمرار في الاستخدام رغم الأضرار، والتهيّج أو انخفاض الحالة المزاجية عند عدم القدرة على الوصول إلى روبوت الدردشة.
وتدرك OpenAI، الشركة المطوّرة لـChatGPT، هذه المخاطر. وأوضحت في تحديث صدر في مايو أن تحديث ChatGPT 4o جعل الروبوت أكثر تملقا لمحاولة إرضاء المستخدمين، وقد اتخذت خطوات لتقليل هذا التأثير.
ومع ذلك، تشير الشركة إلى أن نحو 0.07% من مستخدميها الأسبوعيين أظهروا علامات الهوس أو الذهان أو أفكار انتحارية، وهو ما يعني نحو 560 ألف مستخدم من أصل 800 مليون مستخدم أسبوعيا.
ويختتم الدكتور هاميلتون مورين، طبيب نفسي وأعصاب من كلية كينغز لندن، بالقول: "حتى لو أثر هذا على أقلية صغيرة من المستخدمين، يجب على الشركات التعاون مع الأطباء والباحثين لتحسين سلامة نماذجهم، وتجنب أن يصبح الاعتماد على الذكاء الاصطناعي مشكلة صحية عامة".







