وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن 100 عام
اللحظة الاخباري -
توفي الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الحائز على جائزة نوبل للسلام عن عمر ناهز 100 عام، حسبما ذكر مركز كارتر الأحد.
كان كارتر مزارعا في حقول الفول السوداني في ولاية جورجيا وواجه خلال توليه رئاسة الولايات المتحدة مشكلات منها سوء الأوضاع الاقتصادية وأزمة الرهائن في إيران لكنه توسط في السلام بين إسرائيل ومصر وحصل فيما بعد على جائزة نوبل للسلام عن عمله الإنساني.
وقال تشيب كارتر نجل الرئيس الراحل "كان والدي بطلا، ليس فقط بالنسبة لي، بل لكل من يؤمن بالسلام وحقوق الإنسان والحب المجرد من الأنانية. تشاركت أنا وإخوتي وأختي هذا الحب مع بقية العالم من خلال هذه المبادئ المشتركة. العالم هو عائلتنا بسبب الطريقة التي جمع بها الناس معا، نشكركم على تكريم ذكراه من خلال الاستمرار في العيش وفقا لهذه المبادئ المشتركة".
وكان ينتمي للحزب الديمقراطي وشغل منصب الرئيس من عام 1977 إلى 1981 بعد هزيمة الرئيس الجمهوري آنذاك جيرالد فورد في انتخابات عام 1976. ولم يتمكن من الفوز بولاية ثانية إذ تلقى هزيمة ساحقة أمام منافسه الجمهوري رونالد ريجان، الممثل السابق وحاكم كاليفورنيا.
وامتد عمر كارتر بعد انتهاء ولايته لفترة أطول من أي رئيس أميركي آخر. واكتسب سمعة طيبة طوال مسيرته كرئيس سابق مقارنة بما كان عليه الوضع عندما كان رئيسا، وهي المكانة التي كان يدركها.
وتميزت فترة رئاسته الوحيدة بإبرام اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 بين إسرائيل ومصر، والتي جلبت بعض الاستقرار إلى الشرق الأوسط.
لكن فترة رئاسته شهدت ركودا اقتصاديا وتراجعت شعبيته بشكل مستمر، فضلا عن الإحراج الذي أحدثته أزمة الرهائن في إيران والتي استنفدت آخر 444 يوما له في منصبه.
في سنواته الأخيرة، عانى كارتر من مشكلات صحية عديدة مثل الورم الميلانيني الذي انتشر إلى الكبد والدماغ. وقرر كارتر تلقي رعاية خاصة لمن يدنو أجلهم في شباط 2023، بدلا من الخضوع لتدخل جراحي آخر. وتوفيت زوجته روزالين كارتر في 19 تشرين الثاني 2023 عن 96 عاما. وبدا هزيلا عندما حضر مراسم تأبينها وجنازتها جالسا على كرسي متحرك.
انتهت ولاية كارتر الرئاسية بعدما خسر شعبيته تماما لكنه عمل بجد على مدى عقود على القضايا الإنسانية. وحصل على جائزة نوبل للسلام في عام 2002 تقديرا "لجهوده الدؤوبة في إيجاد حلول سلمية للصراعات الدولية، وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية".
كان كارتر من الوسطيين عندما كان حاكما لولاية جورجيا وذا ميول شعبوية عندما أصبح الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة. وكان دخيلا على واشنطن في وقت كانت فيه البلاد لا تزال تعاني من تداعيات فضيحة ووترجيت التي دفعت الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون إلى الاستقالة من منصبه في عام 1974 وتولى نائبه جيرالد فورد رئاسة البلاد بعد ذلك.
وقال كارتر بابتسامة عريضة لدى ترشحه "أنا جيمي كارتر وأترشح للرئاسة. لن أكذب عليكم أبدا".
عندما طُلب من كارتر تقييم فترة رئاسته، قال في فيلم وثائقي عام 1991 "كان أكبر فشل عانينا منه هو الفشل السياسي. لم أتمكن قط من إقناع الشعب الأميركي بأنني زعيم قوي وحاسم".
وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها في منصبه، لم ينافس كارتر من الرؤساء السابقين سوى القليل على تحقيق الإنجازات. فقد اكتسب شهرة عالمية باعتباره مدافعا لا يعرف الكلل عن حقوق الإنسان، وصوتا للمحرومين، وزعيما في مكافحة الجوع والفقر، ففاز بالاحترام الذي فقده عندما كان في البيت الأبيض.
ونال كارتر جائزة نوبل للسلام عام 2002 لجهوده في تعزيز حقوق الإنسان وحل النزاعات في مختلف أنحاء العالم، من إثيوبيا وإريتريا إلى البوسنة وهايتي. وأرسل مركز كارتر في أتلانتا وفودا دولية لمراقبة الانتخابات إلى مختلف دول العالم.
كان كارتر مدرسا في مدرسة الأحد التابعة للكنيسة المعمدانية الجنوبية منذ أن كان مجرد فتى، وحمل معه إحساسا قويا بالأخلاق إلى البيت الأبيض حيث تحدث بصراحة عن إيمانه الديني. كما سعى إلى إضفاء بعض التواضع على مظاهر الرئاسة الفاخرة إذ سار بدلا من ركوب سيارة ليموزين في موكب تنصيبه عام 1977.
كان الشرق الأوسط محور السياسة الخارجية لكارتر. وأنهت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، التي استندت إلى اتفاقيات كامب ديفيد المبرمة عام 1978، حالة الحرب بين الطرفين.
واستقبل كارتر الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجين في منتجع كامب ديفيد الرئاسي في ماريلاند لإجراء محادثات. ولاحقا عندما بدا أن المفاوضات تنهار، أنقذ كارتر الموقف بالسفر إلى القاهرة والقدس للقيام بجولات دبلوماسية مكوكية بنفسه.
نصت المعاهدة على انسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء المصرية وإقامة علاقات دبلوماسية. وفاز كل من بيجين والسادات بجائزة نوبل للسلام عام 1978.
بحلول انتخابات عام 1980، كانت القضايا الرئيسية هي التضخم المرتفع وأسعار الفائدة التي تجاوزت 20% وارتفاع أسعار الغاز، فضلا عن أزمة الرهائن في إيران التي جلبت الإذلال للولايات المتحدة. ولطخت هذه القضايا رئاسة كارتر وقوضت فرصه في الفوز بولاية ثانية.
أزمة الرهائن
في الرابع من تشرين الثاني 1979، اقتحم ثوار السفارة الأميركية في طهران، واحتجزوا الأميركيين الموجودين هناك وطالبوا بإعادة الشاه المخلوع محمد رضا بهلوي، الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة وكان يتلقى العلاج في مستشفى أميركي.
وفي بادئ الأمر، احتشد الشعب الأميركي خلف كارتر. ولكن دعمه تلاشى في نيسان 1980 عندما فشلت غارة نفذتها قوات خاصة في إنقاذ الرهائن، إذ قُتل ثمانية جنود أميركيين في حادث طائرة في الصحراء الإيرانية.
وفيما مثل وصمة عار لكارتر في نهاية فترته، أطلقت إيران سراح الرهائن الاثنين والخمسين بعد دقائق من أداء ريجان اليمين الدستورية في 20 كانون الثاني 1981، ليحل محل كارتر.
وفي أزمة أخرى، احتج كارتر على غزو الاتحاد السوفيتي السابق لأفغانستان عام 1979 بمقاطعة دورة الألعاب الأوليمبية عام 1980 في موسكو. كما طلب من مجلس الشيوخ الأميركي تأجيل النظر في اتفاقية الأسلحة النووية الكبرى مع موسكو.
وعلى الرغم من ذلك، ظل السوفيت في أفغانستان لعقد.
وفاز كارتر بموافقة مجلس الشيوخ بأغلبية ضئيلة في عام 1978 على معاهدة لنقل قناة بنما إلى سيطرة الدولة الواقعة في أميركا الوسطى على الرغم من المنتقدين الذين ذهبوا إلى أن الممر المائي حيوي للأمن الأميركي. كما أتم المفاوضات بشأن العلاقات الأميركية الكاملة مع الصين.
أنشأ كارتر وزارتين جديدتين في الإدارة الأميركية، هما التعليم والطاقة. وفي خضم أسعار الغاز المرتفعة، قال إن "أزمة الطاقة" في الولايات المتحدة كانت "المعادل الأخلاقي للحرب" وحث البلاد على تبني الحفاظ على البيئة. وقال للأميركيين في عام 1977 "دولتنا هي أكثر الأمم إسرافا على وجه الأرض".
وفي عام 1979، ألقى كارتر ما أصبح يُعرف بخطاب "الضيق" للأمة، على الرغم من أنه لم يستخدم هذه الكلمة أبدا.
وقال في الخطاب الذي بثه التلفزيون "بعد الاستماع إلى الشعب الأميركي، تذكرت مرة أخرى أن جميع التشريعات في العالم لا تستطيع إصلاح ما هو خطأ في أميركا".
وأضاف "التهديد يكاد يكون غير مرئي بالسبل العادية. إنها أزمة ثقة. إنها أزمة تضرب قلب وروح إرادتنا الوطنية. إن تآكل ثقتنا في المستقبل يهدد بتدمير النسيج الاجتماعي والسياسي لأميركا".
وبصفته رئيسا، كان كارتر المتزمت يشعر بالحرج من سلوك شقيقه الأصغر بيلي كارتر الذي كان يشرب الخمر بشراهة، والذي كان يتفاخر بذلك.
رويترز