أكلك تتحكّم فيه عواطفك فيتخبّط بين فقدان الشهية والنهم المفرط
اللحظة الاخباري -
يُعرف تناول الطعام المفرط خلال الحالات النفسية السيئة بـ"الأكل العاطفي" الذي لا يكون سببه الجوع إنما تتحكّم فيه العواطف. وعادةً ما يتجه الشخص في هذه الحالة إلى تناول المأكولات غير الصحية، لا سيما النشويات والسكريات والدهون، مثل البرغر، الشوكولا، البوظة، الباستا، البطاطا المقلية، وغيرها. وأصبح اسم هذه المأكولات في هذه الحالة بالـ"كومفورت فوود" comfort food، كمصطلح جديد، فهي تنشط مواد كيميائية في أدمغتنا، مثل الدوبامين، المرتبطة بالمتعة والمكافأة.
على العكس، يشعر كثيرون بفقدان الشهية خلال فترات الاكتئاب والإجهاد والإحباط.
فقدان الشهية مقابل الطعام المفرط خلال الفترات الصعبة!
آن ماري حنا فياض- معالِجة نفسية
يختلف سلوك الأشخاص مع الطعام خلال الفترات الصعبة والأزمات، فمنهم مَن يتّجه إلى تناول الطعام بشكل كبير ومنهم مَن تنعدم شهيته، فالجسم والعقل مرتبطان، وفي كل مرّة يتعرّض فيها الشخص لصدمة عاطفية يتأثر الجسم، وهذا ما يُسمّى بالـ"سايكو سوماتيك" psychosomatic.
كل شيء يحدث مع الإنسان يتأثر به النظام العصبي، ويُحدث ردة فعل معينة، سواء بالامتناع عن تناول الطعام أو بالتناول المفرِط للطعام، كنوع من تفريغ المشاعر السلبية. وإلى جانب تناول الطعام من عدمه في الفترات العصيبة، تتأثر المناعة أيضاً بهذه الحالات النفسية، ويصبح الجسم أكثر قابلية للإصابة ببعض الأمراض.
وقد يُفسّر اختلاف ردود الفعل في ما يتعلق بتناول الطعام أو عدمه بين البشر، بأنّ 80 في المئة من ردود أفعالنا هي وراثية وجينية، فيما تقتصر الـ 20 في المئة المتبقية على تربية الفرد ومحيطه. لذلك، نرى مثلاً في بعض العائلات اتجاهاً أكبر للاكتئاب.
إذا كان الشخص يعاني من إحدى الحالتين لمدة زمنية طويلة، يمكنه أن يخضع للعلاج السلوكي الإدراكي Cognitive Behavioral Therapy . أمّا إذا كانت هذه الحالة عرضية وأصابَته خلال فترة عصيبة أو في ظل أزمة معينة، فذلك الأمر طبيعي. ولا بأس في أن يسمح لنفسه بالبقاء في هذه الحالة لفترة قصيرة، سواء أكانت فقدان الشهية أو تناول الطعام المفرِط، شرط أن يعي أنّها مرحلة موقتة وستمر. وإذا استمرت أكثر من شهر، فقد تتفاقم وتدفع المرء إلى اضطراب في أحد مناحي صحته.
وثمة سبب وراء اختيار الناس تفريغ مشاعرهم السلبية خلال الأوقات الصعبة بتناول الطعام غير الصحي والمليء بالسعرات الحرارية والدهون أو الـ"كومفورت فود" comfort food. ويتمثل ذلك السبب بأنّها توفّر شعوراً بالرضا للشخص. ولنتذكر أنّ السكر يحرك شعوراً يشبه الإدمان، فيما الأطعمة "العاطفية" بمتناول اليد.
في أيّ من الحالات التي يعانيها الشخص، يُنصح أولاً بعدم الانزواء، فذلك يزيد من مستوى الاكتئاب، مع ضرورة العمل على التواصل والاختلاط بالأصدقاء والعائلة. إذ يساعد الكلام والتعبير الشخص في تفريغ مشاعره السلبية. كذلك، على الشخص التمسّك بروتين حياته اليومية والمواظبة على ممارسة الرياضة حتى لو كانت مجرد مشي، لتعزيز إفراز هرمونات السعادة، إلى جانب التواجد في الطبيعة قدر المستطاع.
التفسير العلمي لما وراء الـ comfort food!
الدكتورة جويس زلاقط- اختصاصية تغذية وأستاذة محاضرة في جامعة الروح القدس الكسليك
خلال الأحداث التي تولّد الإجهاد والتوتر والحالات النفسية السلبية، يحمي الجسم نفسه من خلال إفراز هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر. ويؤدي ارتفاع هذا الهرمون لفترات طويلة إلى الإفراط في تناول الطعام ومراكمة الدهون في الجسم ما يزيد من الوزن. وعادة ما يتجسّد الإفراط في تناول السكريات. ومرد ذلك أن أنّ السكر يمثّل أول استجابة للتوتر لكونه يقلّل من المادة في الدماغ المسؤولة عن التوتر، وبالتالي يشعر الشخص لدى تناوله السكريات بالرضا وبشعور السيطرة على مشاعره السلبية. في المقابل قد يتعامل الجسم مع الحالات النفسية السيئة من خلال فقدان الشهية، لكن هذا لا يعني أنّ الكورتيزول لا يرتفع لديهم.
في مقلب آخر، يجب عدم الخوف من الطعام، لأنه أساس في العادات الاجتماعية والجلسات، وأداة لرفع هرمون السعادة في الجسم، ويشكّل طريقة للاستجابة للتوتر. ولكن، لا بدّ من اختيار المأكولات التي تحتوي على السكريات المعقّدة مثل الخبز الأسمر والباستا السمراء، والفاكهة.
وإلى جانب هذه المأكولات، لا بدّ من شرب المياه بشكل كبير للتخفيف من طلب الجسم للمأكولات غير الصحية. وتُضاف إلى ذلك محاولة تفريغ شحنات المشاعر السلبية بالرياضة مهما كانت كميات الطعام المتناوَلة، أقلّه نصف ساعة من المشي يومياً، فبعد الرياضة تزيد هرمونات الراحة والسعادة.
كيف تعالج فقدان الشهية في هذه الحالة؟
- نظّم جدول نومك.
- عزّز عنايتك الذاتية.
- زد من نشاطك البدني.
- استشر معالجاً نفسياً للعلاج بالكلام.
- تناول مأكولات مثل الموز، الخبز، الشوربا، الخضروات المطبوخة، منتجات الألبان الأخرى، الأرز.
أطعمة صحية بديلة عن الـ comfort food!
- لازانيا الخضار.
- السباغيتي المحضّرة من القرع أو الكوسا.
- بطاطا مشوية.
- فشار.
- رقائق بريتزل (pretzels) مغمَّسة بالحمص.
- بوظة قليلة السعرات الحرارية.
- كوكيز الشوفان.
- كعك قليل السعرات الحرارية.