هل اقتربت مواجهتنا معهم؟! ابراهيم عبدالمجيد القيسي

لست من المغرمين بالتصنيفات السياسية، بين يمين ويسار، لا سيما في مواجهة الصهيونية، وكيانها المجرم الذي يحتل فلسطين العربية، بل إنني غالبا اعتبرت أن اللجوء لمثل هذه التصنيفات لمسؤولي اسرائيل، بين يميني وغيره، هي تعبير عن الهروب من تسمية الأشياء والأعداء بمسمياتهم، لا سيما في حال تهديد الأردن واستهدافه، وأصبحت كثيرة ومستمرة تلك التصريحات السياسية والتسريبات الإعلامية الموجهة، التي تستهدف جبهتنا الأردنية، فكلهم عدو يناسب لكيان مجرم، ولا مواثيق أو أخلاق أو قانون يحكم سلوكه العدواني، وهم اليوم يستثمرون ضعف وتشرذم العرب، ويستغلون الفرص بلا أية مرجعية قانونية وأخلاقية، وكان آخر الأخبار والتحركات الإسرائيلية العدوانية ضد الأردن، تتعلق بحملة جواز السفر الأردني من فلسطينيي الضفة الغربية، واعتبارهم «أردنيين»، وعليهم العودة للأردن وترك فلسطين، وهذه أيضا ليست قصة جديدة، وطالما حذرنا منها حين كنا وما زلنا نطالب بدسترة فك الارتباط، مع تمام علمي بالطبع أن لا قوانين ولا دساتير تقف في وجه الأطماع الصهيونية المعلنة والمستترة، ورؤيتهم للعرب كلهم، بانهم أعداء يحيطون بالقلعة الصهيونية المجرمة، ويتربصون الفرص المناسبة للانقضاض عليها (وهي حقيقة نؤمن بها بأنها ستحدث يوما).. فهم أعداء يحتلون أرضا عربية ويعتدون على كل العرب، وينفذون جرائم قذرة لا ينكرها أحد حول العالم.
وأؤمن وكل الأردنيين يؤمنون مثلي، بأن أي اعتداء على أراضي وسيادة ومصالح الأردن، لا سيما التهجير، هو إعلان حرب ضد الأردن، ونؤمن كأردنيين، ربما أكثر مما يؤمن رجال المقاومة الفلسطينية، بصواب موقفهم من هذا العدو، بأن الجبهة الأردنية ليست ككل الجبهات، لو قررت اسرائيل تجربتها.
الخارطة السكانية الأردنية، استراتيجية بكل ما تتضمنه الكلمة من معنى، فعلاوة على صفاتها الحرة الصادقة الشجاعة (والأمثلة كثيرة)، هي أيضا استراتيجية في توزيع السكان، فالأردنيون يتوزعون في محافظات، وكلها بمثابة معسكرات كبيرة، موزعة بشكل طبيعي على امتداد حدود فلسطين المحتلة، وكأنها قطعة شطرنج، تحمي بعضها بعضا من أي خطر قادم من الجهة الغربية على وجه التحديد، وهذه حالة دفاعية استراتيجية طبيعية، لا يسهل على العدو القابع في الغرب ان يواجهها بريا، او يقترب منها أكثر، طبعا في حال التخلي عن الحذر والسياسة والوقوف صفا للدفاع عن الوطن، فلا يمكن لإسرائيل التنبؤ بحجم الدفاع والهجوم القادم من الشرق.
ولو اعتبرنا منطقة الأردن صحراء وجاء جيش من أي مكان في العالم ليواجه الكيان المجرم، فإنه سيوزع معسكراته تماما كنا تتوزع المحافظات الأردنية.. وهذا يفسر ما معنى ان الأردن في خط مواجهة بالنسبة لتحرير فلسطين أو مكابدة الخطر القادم من محتليها.
إعلان الحرب على الأردن -بأية طريقة- لن يكون في مصلحة هذا الكيان المجرم، وربما تكون نهايته الفعلية لو فعلها.
الأردنيون؛ لا يخشون مواجهة هؤلاء مهما بلغ حجم إجرامهم، وهم يعلموا هذه الحقيقة ويفهمونها، كما نفهمها ونؤمن بها نحن، وكلنا نفهم ونعلم كيف نفعل مع المعتدين على بلدنا ومصالحه.