غاز الريشة سلامة الدرعاوي
افتتاح مشروع توليد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي المضغوط في مصنع الشركة الوطنية لصناعة الكلورين يمثل خطوة بناءة ضمن خطة أشمل تشمل ثلاثة مشاريع قائمة في منطقة الريشة، تهدف جميعها إلى استغلال الغاز الطبيعي المضغوط لتلبية احتياجات القطاع الصناعي.
هذه المشاريع، وعلى رأسها المشروع الحالي، تأتي في إطار إستراتيجية وطنية تهدف إلى تخفيف الأعباء الاقتصادية على القطاع الصناعي وتقليص فاتورة الطاقة التي تشكل ما يصل إلى 50 % من تكاليف الإنتاج في بعض الصناعات، مما يضعف تنافسيتها في الأسواق.
الغاز الطبيعي المنتج من حقل الريشة، الذي يصل إنتاجه حالياً إلى 40 مليون قدم مكعب يومياً، يتم توجيهه بشكل مباشر لدعم الصناعة المحلية، فالغاز الطبيعي المضغوط، أو CNG (Compressed Natural Gas)، هو غاز الميثان الذي يتم استخراجه من الحقول الطبيعية ثم يتم ضغطه بنسبة تقل عن 1 % من حجمه الطبيعي لتسهيل نقله وتخزينه، حيث يتميز الغاز المضغوط بتكلفة أقل مقارنة بالديزل والوقود الثقيل، إذ تنخفض الكلفة بنسبة 35 % مقارنة بالديزل، وبنسبة تزيد على 50 % مقارنة بالوقود الثقيل، وهذا الفارق في التكلفة يجعل الغاز الطبيعي خيارا استراتيجيا لتخفيف الأعباء المالية على الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة.
المشروع الجديد يستهلك حوالي 3 ملايين قدم مكعب يومياً من الغاز الطبيعي لتوليد 10 ميجا واط من الكهرباء لتغطية احتياجات مصنع الكلورين، ويعد الأول من نوعه في منطقة الموقر، وبالتوازي مع هذا المشروع، هناك مشروعان آخران في منطقة الريشة يهدفان إلى استغلال الغاز الطبيعي المضغوط لتوليد الكهرباء وتزويد الصناعات المحلية بالطاقة.
وإجمالا، يُتوقع أن تساهم هذه المشاريع الثلاثة في تخفيض كلف التشغيل للصناعات التي تعتمد على الغاز الطبيعي بنسبة تتراوح بين 25 % إلى 50 %، مما يزيد من قدرتها التنافسية في السوق ويعزز من فرص النمو والتوسع.
ووفقا للتوقعات، سيتم رفع إنتاج حقل الريشة إلى 50 مليون قدم مكعب يومياً بحلول عام 2025، ومن ثم إلى 200 مليون قدم مكعب يومياً بحلول عام 2030، وهذه الزيادة في الإنتاج ستتيح تزويد المدن الصناعية الرئيسية بالروضة، والموقر، والقويرة، والمفرق، والقسطل، والهاشمية بالغاز الطبيعي، مما يساهم في تقليل كلف الإنتاج وزيادة فرص الاستثمار في هذه المناطق، لذلك فإن الغاز الطبيعي المضغوط لا يقدم فقط ميزة اقتصادية من خلال خفض التكاليف، بل يوفر أيضا فوائد بيئية كبيرة.
إن استخدام الغاز الطبيعي في المصنع قلل من كلفة الإنتاج بنسبة تصل إلى 70 %، وهذا الانخفاض الكبير في التكاليف يتيح للشركات الصناعية توجيه المزيد من الاستثمارات نحو تحسين الإنتاجية والتوسع في الأسواق، مما يعزز من تنافسية الصناعات الأردنية في الأسواق المحلية والدولية، كما أن تخفيض تكاليف الطاقة يجعل الصناعات المحلية أقل عرضة لتقلبات الأسعار العالمية للطاقة المستوردة.
المشاريع الثلاثة لتوليد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي المضغوط تساهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي التي تسعى إلى تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5.6 % بحلول عام 2030، وتوفير أكثر من 10 آلاف فرصة عمل جديدة، وهذا التوجه نحو زيادة الاعتماد على الطاقة المحلية سيؤدي إلى تعزيز الاستقلالية الطاقية للأردن، وتقليل الاعتماد على الواردات، مما يساهم في تخفيف العجز التجاري وتحسين الميزانية العامة.
بالإضافة إلى ذلك، وزارة الطاقة تعمل حاليا على إعداد قانون لتنظيم الأعمال المتعلقة بالغاز الطبيعي في المملكة، مما سيساهم في توفير إطار تشريعي وتنظيمي يدعم الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
المشاريع الثلاثة، التي تعتمد على إنتاج الغاز الطبيعي من حقل الريشة، تعتبر محورية ليس فقط في تخفيف الأعباء المالية عن القطاع الصناعي، ولكن أيضاً في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام والمساهمة في تعزيز أمن الطاقة للأردن على المدى الطويل.