2024-03-29     عدد زوار الموقع: 3456970

جلالة الملك والتوظيف الابداعي للقوة الأردنية! حسين هزاع المجالي

اكتب مقالي هذا وانا اتابع كما الاف الملايين من البشر حول العالم العدوان الاسرائيلي الوحشي على قطاع غزة الذي دخل شهره الثاني والذي دمر وقتل و بعقل حاقد وبدم بارد ما يقارب من احد عشر الفا من الابرياء اطفال ونساء وشيوخ، ودمر تدميرا كاملا اكثر من خمسين الف منزل ووحدة سكنية وبناية.

اسوق هذه المقدمة رغم علمي بان ما اقوله هو معلوم للجميع ولكن اسوقها من باب الضرورة في تشخيص ما يجري وتوصيفه لكي لا تختلط الامور وتصبح الضحية جلادا والجلاد حمامة سلام خاصة في ظل اعراف وقيم عرجاء باتت تسيطر على عقول صناع القرار في العالم، تلك القيم التى هندستها القوة المنفلتة والتى لا ترى في الضحية الا انها حالة مغفلة اوقعت نفسها في شرك فكرة المواجهة او المقاومة.

ما يجرى في غزة بشع للغاية لكنه واضح للغاية ايضا: قاتل محتل، وضحية تقاوم وتسبح في دمها ولا تستسلم، ولان الحقيقة على هذا النحو فلا يمكن القبول بالدعاية الاسرائيلية ومن خلفها الصهيونية العالمية بان المقاومة في غزة او الضفة هي «داعش او هم دواعش»، كما لا يمكن القبول بان مقاومة الاحتلال هي ارهاب، انها الدعاية التى تقوم بها اهم وسائل الاعلام العالمية بالاضافة لمنصات التواصل الاجتماعي المخدومة تقنيا لترويج الدعاية الاسرائيلية والتى تحاول «برمجة» عقولنا عبر نسق جديد من المصطلحات والتعابير وبخاصة عقول شبابنا ليتم «غ?لها» وتفريغها من محتواها لتصبح جاهزة لتقبل شتى انواع الاكاذيب والتضليل والتشويه التاريخي للقضية الفلسطينية.

نحن في الاردن محكومون بصلات لا تنفصم عراها مع فلسطين فان كانت هذه العلاقة مغلفة بالجغرافيا فهي ايضا محشوة بالتاريخ والاهم ان طريقها للمستقبل هو طريق واحد وهذا الطريق ليس اختيارا ومزاجيا بل هو طريق ازلي لا مجال للاجتهاد في تفسيره او تحليله وعنوانه وحدة الدم والمصير، ومن هنا جاء الموقف الاردني الشجاع والصلب الذي يمثله جلالة الملك عبد الله الثاني حيال ما يجرى في غزة و هو الموقف الاكثر جرأة على مستوى العالم في التعبير عن المأساة الحاصلة وتحصل في قطاع غزة، وكان جلالته ومنذ الساعات الاولى للعدوان قد حذر من تداعي?ته الخطيرة على حياة المدنيين العزل وطالب بضرورة وقفه وادان وبشدة قصف المستشفيات الذي ابتدأ بجريمة قصف المستشفى الاهلي المعمداني واخذ يكرس جل جهده من اجل ادخال المساعدات الانسانية والدواء والغذاء ومصادر الطاقة الى القطاع، وكان قراره الشجاع والمبتكر وغير المسبوق في كسر الحصار على غزة من خلال عملية الامداد من الجو والتى نفذها سلاح الجو بكل كفاءة وبطولة واقتدار وهي العملية التى استدعت توظيفا ابداعيا لعلاقات جلالة الملك مع الادارة الاميركية والرئيس بايدن شخصيا لتصل للمستشفى الميداني الاردني بالطريقة التى وصلت ب?ا بدون تفتيش او اعتراضات من قبل الاحتلال، وهو جهد شارك به بفاعلية مميزة سمو ولي العهد الحسين بن عبد الله الذي اشرف شخصيا على هذه المساعدات بالاضافة الى الجهد المتعدد الاوجه لجلالة الملكة رانيا في هذا المجال الانساني وجهدها الاعلامي من خلال تواصلها مع وسائل الاعلام العالمية والذي سلطت فيه جلالتها الضوء وبقوة غير مسبوقة على الماساة الانسانية التى يعيشها اهلنا في غزة بسبب العدوان الاسرائيلي والذي اعتقد انه كان من بين العوامل الفاعلة في تحريك الراي العام العالمي باتجاه التعاطف مع غزة وفلسطين والقضية.

وبتسلسل الاحداث علينا التوقف عند خطاب جلالته في القمة الدولية «قمة السلام بالقاهرة» وما تلاها من محطات وجولاته لجلالته والذي كان الاكثر ووضوحا في وصف ما يجرى في غزة بعد ان كثف الاعلام الاميركي والغربي من رسم صورة كاذبة لتلك الحرب تظهر «اسرائيل» وكأنها في حالة دفاع عن النفس وابرز نقاط هذا الخطاب كانت:

• المطالبة بوقف الحرب على غزة ووصف ما يتعرض له القطاع بجريمة حرب مكتملة الاركان وانتهاك صارخ للقانون الدولي.

• انتقاد جلالته بشدة لصمت العالم حيال ما يجرى في غزة وقيام اسرائيل بقطع الماء والكهرباء ومنع دخول الغذاء والدواء للقطاع، وقال انه لو حصل مثل هذا في مكان اخر من العالم لهب العالم لمحاسبة المسؤول عن هكذا جريمة فورا ودون ابطاء.

• ذهب جلالته الى ملامسة البعد العرقي الحساس في هذا الصراع والذي يتحاشى اغلبية قادة العالم الحديث عنه حين تساءل قائلا «هل حياتنا هي اقل اهمية من حياة الامم والشعوب الاخرى”؟.

• لم يكتف جلالته بكل ما سبق بل اكمل مصفوفة انتقاداته السياسية والاخلاقية بالتساؤل عن مفهوم العدالة في النظام العالمي وانتقائية تطبيق القانون مشيرا بوضوح الى ان هذا القانون يقف عاجزا على التطبيق عندما يكون الامر يتعلق بالعرب والفلسطنيين على وجه الخصوص.

هذا التوصيف وهذه النقاط تؤشر على نقطتين اساسيتين وبخاصة ان المقصود الاول والاخير بمجمل الحالة هي الولايات المتحدة والنقطتان هما:

• علاقة الاردن مع واشنطن ليست علاقة تبعية او علاقة ذيلية، بل هي في واقع الحال علاقة تفاعلية، فيها بعض من التوافق وفيها بعض من التعارض وان جلالته يدير هذه العلاقة على اساس المصلحة الاردنية العليا.

• كما يدير جلالته ميزات القوة الاردنية والمتمثلة بالميزة الجيوسياسية للاردن واتفاقية السلام والعلاقة الاستراتيجية مع واشنطن بدرجة عالية من «السلوك الابداعي» والذي يعزز تلك الميزات بعناصر قوة جديدة وظفت وتوظف في خدمة المصلحة الاردنية العليا والاشقاء الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.




شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

3269 المؤيدين

2828 المعارضين

2555 المحايدين

محايد لا نعم