2024-04-20     عدد زوار الموقع: 3605163

أين اختفى محور الاستعراض؟ سميح المعايطة

لندع الدول التي تعلن إيمانها بالعمل السياسي والمفاوضات لحل صراعها مع إسرائيل فهي لا تخدع أحدا لأنها تتحدث بلغة واحدة قد يقبلها الناس وقد لا يقبلونها، وليس لديهم خطاب ثوري وادعاء ما لا يفعلون ويحاولون وفق قناعاتهم أن يفعلوا شيئا للفلسطينيين.
لكن المحور الآخر يقدم نفسه الوكيل الحصري للتصدي للاحتلال ومقاومته ونرى استعراضات عسكرية في يوم القدس السنوي أو مناسبات مختلفة، ويتهمون غيرهم بالتخاذل والانبطاح للاحتلال …، هذا المحور لم يمارس تلك الممانعة والمقاومة لنصرة أهل غزة حتى اليوم العاشر من العدوان الإسرائيلي وبعد استشهاد وجرح آلاف الفلسطينيين.
لم تكن فلسطين وغزة وأهلها في وضع صعب وتحت نيران الموت والحصار والقصف مثلما هي في هذه الفترة، وأيضا كان هناك عملية نوعية لفصائل غزة كانت تحتاج معها إلى مساندة من ما يسمى محور المقاومة، لكن هذا المحور اختفى حضوره، فلم نر صواريخ حزب الله وجيشه الذي نراه في الاستعراضات إلا تلك المناوشات الشكلية والتسخين غير المؤثر ببضعة صواريخ وقذائف هنا وهناك، وكان الرد الإسرائيلي عليها حاضرا، وهذه المناوشات ليست مقاومة ولا مناصرة لفلسطين، إنما هي “رفع عتب”، وكل خطابات حزب الله وتهديده لإسرائيل لم تتحول إلى مناصرة لأهل فلسطين الذين يتعرضون للموت، طبعا حزب الله لن يتحدث ويقول إنه لن يدخل الحرب مع إسرائيل لأن قراره مرتبط بقرار إيران، وإنه ملتزم بقرار مجلس الأمن 1701 الصادر منذ سنوات طويلة، ومن ذلك الوقت لم يطلق طلقة جادة على إسرائيل، ولن يقول للناس إن كل التهديدات فقط ليحتفظ بسلاحه الذي يتذرع بالمقاومة لبقائه، وحتى شبعا الأرض اللبنانية المحتلة فإنها لا يفكر بتحريرها.
وإيران التي تنظم في آخر جمعة من رمضان يوم القدس العالمي وتقدم نفسها زعيمة للمقاومة والممانعة صوتها خافت ولا يصل إلى مستوى صوت الدول التي لا تدّعي أنها دول مقاومة، فإيران كانت قادرة على زرع نفوذها وحرسها الثوري وأتباعها في لبنان والعراق وسورية واليمن، لم ولن تطلق طلقة تجاه إسرائيل حتى وطيران إسرائيل لم يتوقف منذ سنوات عن ضرب أهداف إيرانية في سورية، لأن الحقيقة أن الصراع مع إسرائيل على النفوذ وليس على وجود الاحتلال أو رحيله.
مسكينة قضية فلسطين كل مدعي الثورية والمقاومة والممانعة ركبوا على ظهرها وصنعوا بطولات تحولت إلى مصالح ونفوذ لكنهم أكثر من ألحقوا الأذى بفلسطين وقضيتها، فاليوم غير الثوار ومن يؤمنون بالتفاوض يحاولون من خلال ما يؤمنون به فعل شيء وقد ينجحون وقد لا ينجحون، لكن من مارسوا كل أنواع الثورية وبطولات المايكروفونات والخطابات عن المقاومة والممانعة يصمتون لأن ما يجري في غزة يتطلب مقاومة حقيقية وليس ادعاء المقاومة والتجارة بقضية فلسطين لتحقيق نفوذ لمشاريع أخرى.
وحتى لو تركنا فلسطين لأهلها فهذا المحور الذي يملأ الدنيا تهديدات لإسرائيل له في عهدة الاحتلال الجولان المحتلة السورية وشبعا اللبنانية المحتلة وهما قضيتان لا يجري ذكرهما، أما إيران التي نرى صور صواريخها واتهامها للجميع بخدمة الاحتلال فهم أكثر من يخدمه؛ حيث الضجيج دون رصاصة من جندي إيراني على إسرائيل منذ ثورة الخميني إلى الآن.
رغم قسوة هذه الحرب وإجرام المحتل إلا أنها تؤكد حقيقة، ربما كانت غائبة عن البعض عن ما يسمّي نفسه محور المقاومة، أنه محور تقوده إيران لخدمة مشروعها الفارسي وتستعمل فيه قضية فلسطين وأجزاء من الشيعة العرب، وأن تفاهماتها التي تحت الطاولة مع أميركا وإسرائيل تزداد فعالية في فترات العدوان الإسرائيلي، فإيران سلمتها أميركا العراق بعد احتلاله، وهي تفتخر بالسيطرة على عواصم عربية وليس بإيذاء الاحتلال.
الثورية الوهمية أيا كانت هويتها هي التي استغفلت الأمة وكانت إما مصدرا للهزيمة أو التخاذل، كما كانت كل المراحل، وعندما تنتهي المأساة سنرى قادة الوهم في خطابات من وراء الشاشات يتحدثون عن المقاومة ويهددون إسرائيل بالزوال.




شارك الخبر
استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

3397 المؤيدين

2956 المعارضين

2788 المحايدين

محايد لا نعم