2024-04-20     عدد زوار الموقع: 3609776

افتحوا أعينكم أيها الأردنيون حسين الرواشدة

ما هي القضية التي تشغل اهتمام الأردنيين اليوم ؟ تأجيل أقساط البنوك ، ما هي القضية التي اشغلتهم قبل أسبوع مثلا ؟ قضية الكلاب الضالة . قبل أربعة أسابيع أو أكثر ؟ قضية فيلم الحارة ..يمكن أن أسترسل في عرض اهتمامات الأردنيين وانشغالاتهم على امتداد الشهور الماضية ، النتيجة هي أن كل هذه الفزعات ، سواء اكانت في المجال السياسي ،أو الاقتصادي ،أو الاجتماعي و الديني ، مجرد “شو إعلامي ” كتبه مجهول ، والأبطال الذين يتقافزون على المسرح مجرد ممثلين يتبادلون الأدوار ، فيما الكومبارس يردد ، والجمهور يصفق .

لقد تحولنا فعلا ،إلى مجتمع “فرجة”، أو أن الفرجة تحولت إلى مجتمع ، الدور الذي نمارسه يوميا هو أن نتفرج على ما يحدث ، ونتابع تفاصيله، ونندمج فيه متأثرين ،بالسخط او بالرضا، لا فرق، الأردنيون -أغلبهم – فقدوا القدرة على الفعل والتمييز ، وقبلها فقدوا الكثير من الحكمة والإيجابية ، المسؤول عن ذلك “نخب ” وجدت في هذه المناخات القلقة والمشحونة باليأس والألم ، وفي اصحاب الخواطر المكسورة ، جراء الظلم والتهميش ، غايتها وهدفها ، فتقدمت الصفوف ، وامتطت صهوة المعارضة بالصراخ ، لتنتزع صورة البطل المنقذ، أو البزنس الشاطر ، الذي يعرف من أين تؤكل الكتف .

خسارة أن يعجز من تبقى من العقلاء في بلدنا عن الكلام ، مجرد الكلام ، لكشف هذه الأساطير التي أطبقت على ” رقبة” مجتمعنا ، وشلت حركته، بذريعة الحريات أو الدفاع عن حقوق الناس ، أو انتقاد أداء إدارات الدولة ، فيما الحقيقة أنها أبعد ما تكون عن هذه الأهداف و العناوين .

من قال إن إشغال الناس بقضايا تافهة ، أو اللعب بمشاعرهم لتأليبهم ضد بلدهم ، او إغراقهم باليأس والسواد العام ، حريات ودفاع عن حقوقهم ، أو بطولات تستحق الإعجاب ؟ من قال إن خلط السياسي بالقانوني ، و إنتقاء مظلومية دون غيرها من المظلوميات ، ثم الاحتشاد في مواكب الدفاع عنها، واعتبارها قضية وطنية ، يصب في خدمة المجتمع ،وينتصر لموازين العدالة؟

أخشى ما أخشاه أن نكتشف في لحظة ، كما اكتشفنا سابقا ، ان من يمثّل علينا دور البطولة، سواء في المعارضة أو في المواقع المسؤولة بالإدارة العامة ، مجرد “صيادي “فرص ، او أن من يتحمسون لرفع السقوف و المطالبات ، ويجلدوننا كل يوم بالانتقادات والنصائح والتحذيرات ، مجرد موظفين أو تجار، تنتهي مهمتهم عند أول طلب أو عرض ، لهذا يجب أن ننتبه ، و نُشغّل عقولنا لنفهم ما يدور حولنا ، وما يراد لنا أن نصل اليه.

معقول أن تتعمق “التفاهة” داخل مجتمعنا لهذا الحد ، معقول أن نرفض الإصغاء لصوت العقل ، وننجر خلف اصوات المجانين ، معقول أن نصدق كل ما نسمعه ، ونعجز عن قول ” لا ” لمن يبيعنا بأسواق الشعبوية ، او لمن يريد أن نتحول إلى طبول تصفق، دون أن تعرف لماذا ؟

لا فرق بين مسؤول يبيعنا الوهم، وبين معارض يرقص على أوتار جراحنا من أجل الشهرة، لا فرق بين أصوات النفاق التي تُجيّر لأصحاب الحظوة من أجل الحصول على مصالح وامتيازات ، وبين صرخات النفاق التي تُصرف لبعض النخب التي تتاجر بأحلامنا ومطالبنا ، لكي يصب في أرصدتهم الشعبوية ، حين يمارس المجتمع ذلك ، فإنه يقع بين فكي كماشة طبقتين مختلفين في المواقع ، لكنهما تتشابهان بالأدوار ، وتتطابقان بالمواقف ، و تتكاملان في بقاء المجتمع رهينة للفساد ،واليأس والإحباط .

رجاء، افتحوا أعينكم، أيها الأردنيون، وقبل ذلك عقولكم وقلوبكم ،على صورة بلدكم الحقيقية ،ومصالح دولتكم التي ليس لكم غيرها ، تسلحوا بما يكفي من وعي لتميزوا بين من يريد لكم خيرا ، ومن لا يريد ، بين من يحاول أن يركب على ظهوركم ليصل، وبين من يتحدث باسمكم بصدق وحكمة وأمانة ، فانتم ، أصحاب الكفاءات التي عمّت العالم كله ، الاقدر على التبصر والتعقل والفرز ، وانتم من يعرف الحقائق ويكشف زيف المكائد بعكس ما يظن الكثيرون ، الغارقون في وهم البطولة ، الباحثون في طينتكم الطيبة عن الاشواك والاحساك ، ليتعهدوها بالرعاية ، وينصبون لها اسواقا للمزايدة.




شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

3425 المؤيدين

2984 المعارضين

2815 المحايدين

محايد لا نعم