2025-12-02     عدد زوار الموقع: 6184302

نحو مجتمع متماسك موحد

حماده فراعنة

من قال إن مجتمعنا مفكك، خالٍ من التضامن والرفعة والسلوك النبيل؟؟ من قال إن أحدنا حينما يقع في مشكلة، أو متاعب أو مرض، يقف وحده، باستثناء أسرته؟؟
كنت في زيارة أحد الأصدقاء المرضى في مستشفى عبد الهادي، والتقيت بالصدفة مع النائبيين نمر السليحات ومحمود النعيمات، وعرفت أنهما يزوران النائب زهير الخشمان فرافقتهما وإذ بغرفة الجلوس المرافقة تعج بالنواب والأصدقاء، رئيس المجلس مازن القاضي، والوزير عبد المنعم العودات والنائب هيثم الزيادين ومن قبلهم ومن بعدهم العشرات، مع أن اللافتة المذكورة على باب «السويت»: «بأمر من الطبيب محمد حسن الطراونة، أرجو من الزوار الأكارم عدم الزيارة، حفاظاً على صحة المريض، وحاجته للراحة»، ومع ذلك لم يبق صديق لم يزره من رئيس الديوان الملكي، المعروف بتفانيه ودائم الحركة نيابة عن جلالة الملك وولي العهد، والنواب، والوزراء، دلالة ملموسة على الحس الإنساني والأخوي انعكاساً لما هو قائم وثابت وساكن جوانا ولدينا كأفراد ومجتمع، في التعامل مع الآخر. 
زيارة المريض واجبة، ومشاركة الأفراح متواصلة، وتأدية واجبات تقديم المواساة والعزاء ضرورة، فالمشاركة بالأفراح والأتراح باتت صفة متلازمة، صفة نتباهى بها، ولا أعتقد مهما وصلنا إلى التقدم والعصرية وضيق الحال، يمكن أن نتخلى عنها. 
مشهد شدني، ودفعني لأن تكون مقالتي بهذا الاتجاه الإنساني، ولكن الموضوع وعنوانه يعكس الثقافة والتراث، وهي مكونات ومقومات لاستقرار المجتمع ونزوعه نحو التآخي والود مهما وقع الخلاف والتباين. 
هذه الحصيلة المؤكدة، شكلت لي المقدمة رداً على أحدهم من «القيادات التقليدية القديمة» المعروف عنه «كثرة الحكي» و «الحركة « حيث يقول في أحد ندواته «الفكرية» و «العبقرية» في تقييمه لمسيرة الأحزاب السياسية، قوله إن سبب عدم نجاح الأحزاب إلى الآن: «غياب العمل الجماعي» وشيوع «الفردية» وهو حقاً يُمثلها، لقد سبق لصاحبنا هذا أن كان عضواً في مجلس النواب، فكيف تم انتخابه إن لم تتوفر في جماعته «الرهان الجماعي» وقبولهم الجماعي له كي يكون نائباً عنهم؟؟
الأحزاب في بلادنا لها أربعة عناوين في الانتماء الفكري السياسي: 
1 - الاسلام السياسي، وهو لا يزال الأقوى تأثيراً. 
2 - الاتجاه القومي وقد ورث إخفاق حزبي البعث وحركة القوميين العرب. 
3 - الاتجاه اليساري وقد ورث هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي. 
4 - الاتجاه الوطني الوسطي، ولايزال في كون التكوين والتجريب، وغياب الخبرة التراكمية.
ومع ذلك تخوض الأحزاب اليسارية والقومية نضالاً شجاعاً وتملك صفة الصمود والاستمرارية في مواجهة أوضاع صعبة معقدة، ولها حضور يحظى بالاحترام. 
ولذلك تفرض الظروف الموضوعية والمعطيات المرافقة نفسها على مسار الحركة السياسية الأردنية، وعلى العربية أيضاً، في غياب تقاليد ديمقراطية تراكمية، لدى الأحزاب السياسية العربية. 
علينا أن لا ننظر لنصف الكأس الفارغ، بل إلى المحتويات الإيجابية القائمة، على المستويات كافة الشخصية الذاتية، والعائلية، وعلى مستوى المجتمع وقواه السياسية وقياداته المختلفة بروح من التفاني والرغبة في التقدم وتحقيق ما هو أفضل لشعبنا وبلدنا، ومن خلاله دعماً لفلسطين، لأن فلسطين تحتاج للرافعة الأردنية، تحتاج إلى الأردن المتماسك الموحد الشبعان، الديمقراطي التعددي، وغير ذلك نكون عبثاً على أنفسنا وعلى فلسطين وعلى كل من حولنا في مواجهة التحديات وفي طليعتها تحدي المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، الذي يستهدف فلسطين ومن ثم ما حولها، وما يجري في لبنان وسوريا لخير شاهد على النزوع العدواني التوسعي للمستعمرة.



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

26786 المؤيدين

26696 المعارضين

26580 المحايدين

محايد لا نعم